كرتونة من ديرالزور


02 تشرين الأول 2013

سعيا لكسر التعتيم الإعلامي الذي تعانيه مدينة دير الزور أطلق مجموعة من النشطاء بتاريخ 22-6-2012 مجموعة عمل أطلقوا عليها اسم "كرتونة من دير الزور" لرفع التهميش والتعتيم الإعلامي الحاصل للمدينة"، و لتكون صدى صوتهم للعالم الخارجي والمعبّر عن أحلامهم وتطلعاتهم وسط تجاهل وسائل الإعلام لهم، ولمقاومة الحصار الذي فرضه النظام عليهم.

فكرة المجموعة ولدت في أذهان القائمين عليها بعد "الاجتياح الثاني لمدينة ديرالزور من قبل الجيش النظامي بتاريخ 22-6-2012، وفرض الحصار الخانق الذي ما زال مستمراً حتى اليوم. وبعد شهر تقريباً من الحصار خطر لنا أن نجد طريقة لرفع التهميش والتعتيم الإعلامي الحاصل للمدينة ، فكان الاقتراح هو بسبورة (لوح مدرسي) أو ما يشبهها، وما يعطي الإحساس بالصف المدرسي والطبشور وهو ما قادنا بالنهاية إلى فكرة كرتونة سوداء كمساحة مفتوحة للأمل والحب، رغم لونها الأسود"، كما يقول أحد ناشطي المجموعة لفريقنا "سيريا أنتولد Syria untold" في حوار أجريناه معهم.

تقوم فكرة المجموعة على التعليق على الأحداث عبر كتابة عبارة ما تعكس وجهة نظر المدينة أو الناشطين تجاه الحدث العام، حيث يتم اختيار العبارات عبر التشاور و النقاش بين كافة أعضاء الفريق، إذ يقول الناشط أن "العبارات تكتب بشكل يومي بعد التشاور بيننا كفريق عمل، وتكون مستوحاة من واقع المدينة أو أي مدينة سورية أو قرية تعرضت لحدث ما".

الظروف السيئة انعكست على أعضاء الفريق، إذ لم يبق منهم أحد الآن في المدينة إلا ثلاث ناشطين بعد أن كانوا سبعة، بسبب "اضطرار الباقي للخروج بسبب الظرف أو الإصابة، وكان عددنا قد وصل إلى 31 ناشط داخل وخارج المدينة".

يهدف أعضاء المجموعة من خلال عملهم الذي تمكن من فرض نفسه على الساحة الإبداعية والإعلامية السورية إلى "رفع التعتيم على الحالة المدنية للمدينة، والعمل على إظهار هذا الجانب، والتركيز على الدور الرئيسي للمدنيين حتى بعد أن توجهت الثورة للتسليح، ولكن قناعتنا الثابتة أن المدنيين هم الحاضن الرئيسي للحراك، لذلك كان علينا أن نصمد في المدينة لندافع عن أفكارنا وما ثرنا من أجله".

وسعيا لتحقيق هذا الهدف، عمل النشطاء على التعاون مع كل المجموعات ووسائل الإعلام التي تساعدهم على تحقيق هدفهم، فتعاونوا مع "الكثير من الصفحات السورية، منها "ثلاثاء الأحرار"، وتجمع أمارجي، و تنسيقية شباب الثورة بديرالزور، وصفحات كثيرة من كل المحافظات السورية بدون استثناء".

وتأخذ صيغة التعاون شكل المساهمة في الحملات والتظاهرات ورفع اللافتات، وتخصيص "أيام لأحداث معينة يتفق عليها سابقاً، مثل أسبوع المعتقلين، أو رفع الحصار عن حمص القديمة، أو حملة لا للتخوين وغيرها".

تتنوع المواضيع التي تركز عليها عبارات المجموعة من الاهتمام بالمعتقلين إلى التعليق على الحدث السياسي إلى تحويل المجازر إلى قضية رأي عام لتوحيد الجمهور حول رؤية ما.

 وردا على تجاهل الإعلام أحيانا لمعاناتهم وأخبارهم في دير الزور كتب على أحد الكرتونات: " إلى كل فضائيات وصحف الكون: كل سوري وثيقة والدكتاتورية خبر"، وهي عبارة تحمل من المعاني والذكاء الكثير، عدا عن جماليتها وقدرتها على التأثير إلى درجة أن العديد من الناشطين تناقلوا الكرتونة على صفحاتهم وبعضهم جعل منها خلفية لصفحته.

رغم حماس كادر العمل، إلا أن ثمة معيقات كثيرة تقف لهم بالمرصاد وتعيق أهدافهم، يتجلى أهمها بـ"الحصار الخانق وعدم توفر أجهزة إرسال، ولا يوجد شبكة اتصالات في المدينة. لا للخطوط الأرضية ولا لشبكة الموبايل وعدم توفر كهرباء . إضافة للقصف الشديد واليومي لكل الأحياء ، وهذا ما يمنعنا من التوثيق في كثير من الأحيان".

لا يقيس كادر العمل نجاحه أو فشله وفق وحدات قياس معينة، فهم يقومون بما يقومون به، لأنه "يستحق المتابعة والوصول إلى أقرب نقطة للنجاح. نحن ندعم ثورة إنسانية، ونجاحنا يتوقف على العمل المشترك للجميع في إنجاح الثورة".

إلا أن أكبر إخفاق يعترف به ناشطو المجموعة هو "بأن ينقص عدد المدنيين في المدينة من 800 ألف نسمة ليصل اليوم إلى 6000 نسمة فقط. فهذا يعتبر إخفاق لأننا لم نستطع كسر حاجز الصمت لكي نضغط على الحكومة لفك الحصار المستمر منذ 290 يوم تقريباً". ورغم ذلك يستمر الفريق بأداء عمله، لأن إشعال شمعة خير من أن تعلن هذا الظلام.

ورغم عدم اعتراف المجموعة بإنجازاتها، إلا أنها تمكنت من فرض نفسها بجدارة بين مجموعات الحراك السلمي، لأنها أصبحت عنوانا من عناوين الانتفاضة السورية، وهي مكانة  حصّلها النشطاء بجدهم وإبداعهم و إيمانهم الدائم، إذ رغم  إن رغم " هذا الدمار والركام" لم " نشك يوماً بسوريا جديدة"، كما يقولون.

 ربما هذا الإيمان المتفائل رغم أحلك الظروف، والذي يشبه إحراق السفن بعد عبور البحر، هو ما دفعهم للنجاح.

قصص متعلقة :

كرتونة من دير الزور: تقول ما لم يقله الإعلام

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد