ترافقت الانتفاضة السورية مع تأسيس العديد من الوسائل الإعلامية التي كسرت الرقابة الاستبدادية وحاجز الخوف الذي هيمن على الإعلام السوري طيلة عقود لتتيح للشباب حرية التعبير والتفاعل، ومن هذه الوسائل "راديو أنا"، الذي يضم مجموعة من الشباب السوري من مختلف شرائح المجتمع الطامح للعمل خارج الأطر السياسية المفروضة على الإعلام السوري، وهو أحد مشاريع مؤسسة أنا للإعلام الجديد ( وكالة أنا ) التي انطلقت في مطلع العام 2012.  ورغم أنّ بثّ برامج راديو أنا مازال مقتصراً على شبكة الانترنت حالياً، إلا أنّ المؤسسة تسعى للبث من داخل الأراضي السورية على موجات تردد FM.

يهدف مشروع "راديو أنا" الى فتح الأبواب لتبادل الأفكار والأراء التي أوصدت على الشعب السوري قرابة الأربعين عاماً، في ظل تحييد الطرف الأخر والإنفراد بالسلطة الإعلامية تحت مظلة الحزب الواحد، وذلك من خلال مجموعة من البرامج الإخبارية والثقافية والسياسية والإقتصادية والفنية ذات الطابع التفاعلي، في سعيٍ لتنقل المجتمع السوري من مجرّد مشاهد  الى مراقب ومشارك في بناء هيكلية اعلامية أقرب للواقع السوري.

تغطي برامج  "راديو أنا" مختلف مجالات الحياة التي تهمّ المواطن السوري وتركز على شريحة الشباب التي شكلت الحامل الاجتماعي للانتفاضة السورية. يضم قسم البرامج التعليمية ثلاثة فقرات هي: شو بتعرف، حكاية إرنة، و خستخانتك.

يتميز برنامج "شو بتعرف" الثقافي بالتطرق إلى موضوع كانت في غالبها محظورة قبيل الانتفاضة السورية ، وتتناول بأسلوبٍ شبابي يشبه يوميات الشباب السوري تاريخ وحاضر أحزاب وحركات وهيئات وحتى أشخاص ، ويتم التطرق إلى المواضيع المطروحة بطريقة جديدة تناقش الأفكار وتستعرض السلبيات والإيجابيات، ومن الحلقات التي تمّ بثها حتى الآن: الحزب الشيوعي، الحزب القومي السوري الإجتماعي،حزب الاتحاد الديمقراطي  PYD، صلاح جديد، الإخوان المسلمين.

أما برنامج " حكاية إرنة" الضوء على أماكن تختزن تاريخ السوريين وتخلّد ذكرياتهم، والإرنة باللهجة السورية المحكية تعني المكان،  فللأمكنة "قصص طويلة  قصص طويلة لا تنتسى , حتى بتفاصيها الصغيرة . ومهما بعدنا عن المكان تبقى زواياه ورائحته وصورته القديمة .. موشومة في ذاكرتنا". وتعكس هذه الفقرة جرأة النقد والصدق والوضوح الذي يميز "راديو أنا" والتزامه بالأهداف التي قامت من أجلها الانتفاضة، ويتجلّى ذلك عند تناول حكايات بعض المناطق شهدت حوادث إشكالية كما في حلقة "رأس العين".  

 وبسبب الصراع المسلح الذي تشهده سوريا حالياً تم إعداد برنامج" خستخانتك" الذي يُقدم نصائح وإرشادات طبية كي يكون المواطن مستعداً دائماً لأي طارئ في ظل ظروفٍ تجبر المواطن العادي أن يتحوّل إلى طبيب في أي لحظة. و"الخستخانة" هي الاسم الذي كانت تعرف به المستشفيات في الفترة العثمانية. تتنوع حلقات"خستخانتك"  بين تقديم نصائح طبية عامة كحلقات ضربة الشمس، والاكتئاب، وصحة العيون وأخرى تتعلق بالوضع الاستثنائي الذي تفرضه الحرب كحلقة تعلم طريقة صنع كمامات للوقاية من الحرب الكيماوية، والإسعافات الأولية، أو الأوضاع الصحية الناجمة عن تدهور الوضع الأمني وتراكم النفايات كحلقة اللشمانيا.

وضمن البرامج الاجتماعية ترصد فقرة "مو كرتونة" أجمل وأصدق الشعارات والعبارات التي خطّها السوريون على لافتاتهم وكرتوناتهم لتجسّد حياتهم اليومية محولين الورق والقماش إلى منابر خاصة تنقل أفكارهم وأرائهم وأصواتهم حملت صوتهم إلى جميع أنحاء العالم.

كما يغطي "راديو أنا" تطورات الأحداث اليومية عبر القراءة اليومية لأهم الموضوعات في الصحف العربية والعالمية بشكل عام مع التركيز على الشأن السوري بنظرة حيادية، عن طريق عرض مقتطفات من النصوص المنشورة أو بتحليل مضامينها، كما يتم الإعداد قريباً لفقرة "أنا برس" التي ستتناول أبرز المواد والمواضيع التي ستنشر على موقع anapress.net.