تين بعل


15 حزيران 2014

ضمن تجربة فنية جديدة تحاول أن تكون مميزة في إنتاجها الإبداعي، اجتمعت مجموعة من الكتاب والرسامين على تأسيس جريدة "تين بعل"، ولعل ما يميز هذه التجربة هو عمل بعض أعضاء المجموعة على مشروع صفحة "كوميك لأجل سوريا"، والذي كان موجّهاً إلى أنصار الثورة، قدّم العديد من المواضيع تطرقت لتفاصيل الثورة وقضاياها مثل قصص الكوميك القصيرة.

إلا أن تغير الظروف وظهور معطيات جديدة في يوميات الثورة جعل المجموعة تستهدف الأطفال في إصدارها الفني الجديد، وكان الجمهور الأساسي المستهدف في عملها هم اليافعون لأنهم أكثر الأشخاص الذين يتعرضون لجميع أنواع العنف، ويلمسونه في حياتهم اليومية، في المشاهدة والممارسة على السواء. ولعل تكرار وصف "الجيل الضائع" في مختلف وسائل الإعلام، وفي التقارير الرسمية التي تصدر عن مختلف المنظمات، جعلت المجموعة تدرك أن هناك أملاً من الممكن أن يساعد في إنقاذ الأجيال الصغيرة، وأن يبني جيلاً مختلفاً في حال تم التعاون في الإعداد لهـ والعمل المتواصل عليه.

وتبدو فكرة تقديم مجلة مصورة لليافعين الخيار الأنسب لهم، فهي تتوافق مع قدراتهم الفنية وتجاربهم السابقة، كما أنهم لا يريدون تبريئ أنفسهم من المسؤولية، والهروب من المعاناة التي تنتظر أطفالنا في المستقبل نتيجة الصراع الدائر على الأرض.

المجلة تضم 12 صفحة وستة أبواب هي: "قصة الطريق إلى النور"، وهو عمل متسلسل تشويقي وطويل يعمل على استثارة مخيلة الجمهور المستهدف، ويتحدث عن عالم مواز على كوكب آخر، لكنه، بشكل أو بآخر، يعيش أزمة العدالة والحرية والمساواة نفسها التي يعيشها البشر كلهم. العمل الثاني يحمل اسم "سالم يعلّمك المساعدة"، وهو زاوية تثقيفية توعوية تضم مواضيع متعددة مثل: خطر القذائف غير المنفجرة، والإسعافات البسيطة، وطرق الإخلاء من أماكن الخطر وغيرها. أما العمل الثالث فحمل اسم "بِشر وهيفين يكتشفان آلة الزمن" وهو مسلسل "كوميك" متسلسل يقارب أحداثاً تاريخية من التاريخ الحديث لسورية، كان قد همّشها النظام التعليمي والإعلامي في سوريا، وذلك بطريقة تشويقية وخيالية، حيث يسافر الصغيران عبر الزمن في آلة عجيبة.

أطلقت المجموعة على العمل الرابع اسم "سامي.. رحالة بالصدفة"، وهو عبارة عن مادة تتحدث عن مناطق سوريا تاريخاً وثقافة وتراثاً، لكن أيضاً في إطار قصة متسلسلة، وتهدف هذه المادة مع المواد الأخرى إلى المساهمة في بناء هوية وطنية حقيقية ومقنعة.

العمل الخامس حمل اسم "من قصص الشعوب"، يضم قصص مختارة من التراث الشعبي لبلدان مختلفة تنتهي كلٌّ منها إلى عبرة معينة.

بينما حمل العمل السادس اسم "دوّرها" وهو يهدف إلى تحفيز الأطفال على التفكير في الأشياء القديمة بطريقة مختلفة، من خلال نشر فكرة التوفير وإعادة الاستعمال.

ولعل اختلاف الجيل اليافع عن الأطفال الأصغر سناً في طريقة تفكيرهم التي تنزع لأن تكون أكثر تمرداً وانفعالاً، إضافة إلى مرورهم في مرحلة البحث عن الهوية والحقيقة، يضع المجموعة في مرحلة تحدٍ، إذ أنه لا يمكنهم التلاعب معهم وإخفاء الحقيقة عنهم، وهو ما يجعلهم ملزمين في المباشرة في الطرح لبعض القضايا، بطرقٍ معينة وبناءة تجعلهم يواجهون مسؤولية عالية.

تسعى المجلة في اتخاذها للعدالة والحرية والسلام كقيم، وعدم انحيازها أو تبنيها لأفكار جهات معينة، أن تعمل على استهداف جميع المراهقين السوريين بكافة توجهاتهم، إذ أنه لا يمكن أن تعرّف عن نفسها على أنها مجلة معارضة ثورية، لأن قضيتها الأساسية المساهمة، ولو بشكل بسيط، في بناء عقول مبدعة، وأن يتم تبني أفكارها من قبل هذه العقول بشكل حقيقي، وتكون يقظة تستطيع التمييز بين الحقيقة والوهم، فالقضية التي تعمل عليها المجلة لا تنتهي مع انتهاء عملية التغيير في النظام السياسي، إنما ستبقى مستمرة دون التأثر بعملية بقاء النظام أو زواله، فهدفها الأساسي في عملها هو التطور المستمر.

وتعترف المجموعة بأنّها لا تملك الدعم الكافي من أجل الطباعة، لكن الفريق له الحرية المطلقة في طريقة العمل، دون أن يتعرض للضغوطات في طريقة اختياره للأبواب وتنفذيها.

ولا يمكننا تجاهل فكرة أن البعض سيعد هذا العمل ضرباً من الرفاهية في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها الناس، إضافة إلى أن ظروف النشر والتوزيع تبدو مزرية، ناهيك عن محدودية وصول الإنتاج للأشخاص الذين يجب أن يقرؤوا العمل، كما أنه لا يمكن لمثل هذه الأعمال أن تزدهر في الحرب، ما جعل بعض الفنانين يعتذرون عن المشاركة في العمل وهو ما ساهم في تأخر عملية الإنتاج، وطبعاً الأمر متوقع ضمن الظروف القاسية التي نمر فيها، إلا أن ذلك لا يمنع من الاستمرار في إنتاج الفنون، ففي النهاية هذا الإنتاج هو عمل فني وليس إعلامي، والفن يستمر في حين أن الحرب والأسلحة ذاهبة إلى الزوال عاجلاً أم آجلاً، والمجموعة ستستمر في عملها رغم جميع الظروف.

يرافق المجموعة في عملها حلم توسعها وتحولها إلى نصف أسبوعية، وأن تضم أعدادها اللاحقة أعمال العديد من الفنانين السوريين في مختلف تجاربهم، وأن تصل إلى مختلف الفئات العمرية في سوريا، ويتم توزيعها بكل حرية، وأن ينشر القائمون عليها أعمالهم بأسمائهم الحقيقية.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد