المغتربين الحلبية


13 تموز 2014

كما أغلب المجموعات السورية التي ولدت في جوف الحراك السوري، ولدت مجموعة "المغتربين الحلبية" من تجمع "مجموعات صغيرة من الأصدقاء مبنية على الثقة المطلقة" تشكلت في بداية الثورة لدعم الحراك المدني، لتعود وتتجمع في مجموعة أكبر بعد انكسار حاجز الخوف من النظام المستبد.

اهتمت المجموعة منذ بداية تأسيسها بأوضاع النازحين السوريين وحاجتهم، إلى جانب دعمها للحراك المدني السلمي المطالب بضرورة التغيير، فمع بداية  "وفود النازحين إلى مدينة حلب اتسع نشاطنا ليشمل إغاثة هؤلاء النازحين في البداية، و بعدها بدأنا بإغاثة النازحين في مناطق مختلفة في سوريا" إلى أن طال القصف والتهجير مدينة حلب، فـ "وجّهنا نشاطنا لمساعدة أهلها الصامدين الصابرين و مع ذلك لم ننسَ أهلنا في المناطق الأخرى من سوريا"، فهم يعملون في ريف إدلب و ريف حمص و ريف دمشق، بالإضافة إلى مساعدة اللاجئين في عرسال اللبنانية و في بعض مخيمات اللجوء داخل الحدود السورية، بالتوازي مع تأمين تكاليف العلاج للعديد من الأفراد من مختلف مناطق سوريا، كما يقول أحد مؤسسي المجموعة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

تكمن أهمية المجموعة في أنها انتبهت باكرا إلى أهمية التعليم ودوره وضرورة ألا يتوقف تعليم الأطفال لأنه أمر يتعلق ببناء المستقبل، حيث أقدمت على دعم "العديد من الجمعيات التعليمية في المدينة" حيث لديهم عقد تعاون مع "مؤسسة "جنى التعليمية" ينص على دعم عدة مدارس تابعة لها، إضافة إلى عقود تعاون مع مؤسسات تعليمية أخرى في ريف حلب، حيث تمكنت من إعادة الحياة إلى عدد كبير من المدارس في حلب منها مدرسة "عين جالوت" و مدرسة "أم القرى" في ريف المهندسين بحلب وغيرها الكثير.

قامت المجموعة بالعديد من المشاريع الإغاثية والتنموية كان آخرها مشروع "سلل رمضان الإغاثية"، و توزيع عشر كراسي متحركة في ريف المهندسين في حلب ضمن بند الدعم الطبي، إضافة إلى إدارتها عدد من المطابخ في المدينة تقوم بتوزيع الطعام على المحتاجين والعاجزين، و مساعدتها في توزيع مجلة "طيارة ورق" على أطفال المدارس بالتوازي مع تجهيز خزان مياه منطقة سيف الدولة وشراء صفارات إنذار لتنبيه الناس للنزول إلى الملاجئ، وإصلاح المنازل المتضررة وتجهيز الملاجئ وإصلاح آليات تابعة لمجلس مدينة حلب وشراء مازوت وملابس شتوية للتدفئة، والكثير من النشاطات والفعاليات التي يمكن متابعتها بدقة على صفحة الفيسبوك الخاصة بهم وموقعهم الالكتروني.

حقائب شتوية للأطفال ضمن حملة كسوة الشتوية. المصدر: الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك
حقائب شتوية للأطفال ضمن حملة كسوة الشتوية. المصدر: الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك

تهدف المجموعة لأن يكون لها "دورٌ في إعادة التكافل بين الناس لنزرع الأمل بمستقبل أفضل للسوريين جميعاً"، لهذا تنبذ الطائفية والعرقية والإقليمية وترفض التبعية لأي حزب سياسي.

ترفض المجموعة أن تقدم نفسها كجمعية خيرية، مصرّة على أنها تجمع "مجموعة من الأصدقاء" رغم أن لديها جمعية خيرية ( فسحة أمل) متخصصة برعاية الأيتام تعمل تحت إدارتها، وهي أول جمعية مرخصة من مجلس "مدينة حلب الحرة". ويعود الأمر في ذلك إلى رغبة المجموعة باتباع "هيكلية عمل أفقية بسيطة و مرنة و الابتعاد عن التعقيدات الإدارية"، إضافة إلى الرغبة بـ "المحافظة على استقلالية القرار و عدم التبعية لتوجهات أي منظمة أو هيئة إدارية"، علما أنها لا تتبع لأي حزب سياسي أو ديني أو طائفي و عرقي، وهو ما يعتبره الفريق سر نجاحهم، خاصة أنهم يعتمدون في تمويل أنشطتهم على "تبرعات شهرية ثابتة و مستمرة من الأعضاء لتغطية المصاريف الشهرية و المصاريف الإدارية، بالإضافة إلى حملات التبرعات للمشاريع التي نقوم بها على شبكات التواصل الاجتماعي و من خلال نشاط الأعضاء. و هذه التبرعات تذهب بالكامل للمشاريع المخصصة لها، و ذلك لأن المصاريف الإدارية يتم تغطيتها من أعضاء المجموعة".

وللحفاظ على علاقة جيدة مع المتبرعين يعتمد الفريق مبدأ الشفافية المطلقة، لذا هم ينشرون كل الأعمال التي قاموا بها ويقومون بها على صفحتهم على الفيسبوك، إضافة إلى اعتمادهم نشر "تقاريرنا المالية سنوياً و يمكن لمتابعينا و لمتبرعينا الإطلاع عليها" كما يقولون لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

للتغلب على الوضع الصعب في مدينة حلب حيث القصف والدمار والحرب الدائرة تعاون الفريق مع مجلس "مدينة حلب الحرة"  لتجهيز ملاجئ و شراء صفارات و تجهيز مستودعات للمواد الأساسية. كما تعاونوا مع "الهيئة الهندسية" بحلب لحفر و تجهيز العديد من الآبار و إنشاء خزانات مياه للتغلب على مشكلة انقطاع المياه المتكررة في حلب والخاضعة لإطار المعارك، إضافة إلى أنهم يتعاونون مع مجموعات أخرى في سبيل إنجاز أهدافهم شرط أن لا تتعارض مع مبادئهم.

الأوضاع الصعبة التي يعملون بها أدت لأن يخسر الفريق أحد كوادره، حيث استشهد "أحمد خليفه" الذي يصفه زميله بأنه "من أوائل من شاركوا في الحراك السلمي و تعرّض للضرب المبرح عند خروجه في إحدى المظاهرات من جامع "آمنة بنت  وهب". كان من أنشط أعضاء المجموعة و أكثرهم تفاؤلا بانتصار الثورة. و له الفضل الكبير في تنظيم عملنا الإغاني و إيصال المساعدات إلى المحتاجين في مناطق حلب المحررة بالرغم من خطورة الطريق و تعرضه أكثر من مرة لرصاص القناصة".

إن غرق الفريق في الشأن الإغاثي لم يجعله يغمض عينيه عن موضوع بناء وتنمية سوريا، طامحين لأن ترجع "سوريا كما كانت سابقاً "يابان العرب"، حيث أنشاؤوا لهذه الغاية "مجموعة مختصة لدراسة المشاريع التنموية و تنفيذها في حال سنحت الفرصة للقيام بذلك"، إضافة إلى امتلاكهم رؤية مستقبلية تتجاوز الحاضر، وهو ما يعكسه مشروعهم المسمّى "المخزون الاستراتيجي الغذائي" الذي يحاولون من خلاله استباق الصعوبات التي يمكن أن تواجه الأهالي في الجزء المحرر من مدينة حلب، وذلك من خلال "تخزين مواد أساسية كالبرغل و العدس الكردي و السكر و الزيت في مخازن مركزية في أكثر من منطقة يتم الإشراف عليها و تخزينها بشكل مدروس و يتم توزيعها في حالة الحاجة القصوى.

ثمة صورة سلبية لدى بعض السوريين عن عاملي الإغاثة إذ يعتبره البعض "عمل ترفي" بعيد عن المخاطر. إلا أن " المغتربين الحلبية" يثبتون زيف هذا الكلام، إذ يعملون في قلب مواقع الخطر ويقدمون الشهداء في سبيل إنقاذ السوريين من الجوع والموت والحاجة، ويذهبون أبعد من ذلك حين "يساهمون في تمويل نشاط المجموعة و دفع المصاريف الإدارية و رواتب العاملين معنا في الداخل".

"المغتربين الحلبية": أصدقاء سوريون وسعوا دائرة صداقتهم لتشمل حلب وسوريا ومستقبلهما، شاكرين كل متطوع وداعين أبناء الوطن الواحد للتعاضد في وجه الصعوبات.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد