الهجرة القسرية الداخلية في سوريا قبل و بعد الزلزال

سبب رئيسي للأزمة الإنسانيّة والعمرانيّة


من وجهة نظر أم سورية، مهندسة معمارية ومدافعة حقوقية تعمل في مجال الاستجابة الإنسانية والحقوقية للسكان المتأثرين بالصراع في سوريا، تقدّم هذه المقالة تحليلاً سردياً لأهم العوامل التي جعلت الزلزال المدمّر الذي تأثرت به منطقة شمال غرب سوريا، ليس الزلزال الأول أو الكارثة الأولى التي هدمت وزعزعت البنى التحتية والاجتماعية للسكان هناك على مدى الاثني عشر عاماً الماضية. و إنما هنالك سلسة طويلة متعدّدة الأركان و العناوين ساهمت على مدار العقد الأخير بخلق بنية مدنية و سكانية هشّة تجاه أي كارثة على الصعيد المادي و النفسي و البشري.

02 أيلول 2023

(تصميم الفنانة ديمة نشاوي/ خاص حكاية ما انحكت)
ديمة معراوي

أم ومهندسة معمارية وعاملة في المجال الإنساني. مديرة المناصرة والاتصال في الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، ومنسقة المجموعة الاستشارية النسائية السورية للاستجابة الإنسانية في شمال غرب سوريا.

أحب الرسم، الوجوه، خاصة وجوه النساء. أجلس هناك على طاولتي المعتادة في غرفتي المحبّبة، أرسمهن بشغف، وكأنّي أرسم مشاعري كلّها في تفاصيل عيونهن. لم أدرك لم انحازت موهبتي لتلك الوجوه حتى أصبحت هنا أجلس على طاولات صنع القرار لأتحدث عن تفاصيل الإنسانية من وجهة نظر النساء، أي من عيونهن. لم يكن الأمر صدفة.

لم يكن من الصدفة أنّني درست الهندسة المعمارية أيضاً، كنت أعلم جيداً أنّها ليست مجرّد بناء أحجار وتصميم مباني، وإنما هي علاقة إنسانية معقدة بدأت من رسم الوجوه وصولاً إلى علاقتي مع غرفتي. كانت العلاقة وديّة ومليئة بالأسرار والشغف والحب، وانتهت مع أول قذيفة أخذت غرفتي، لتبقَ معي بعض الذكريات كمثل كلّ السوريين.

غرفتي والرسم علّماني أنّ العمارة هي علاقة إنسانية لتكوينٍ حيٍّ في الفراغ، له أبعاده ومقاييسه واحتياجاته المادية والجسدية، وأنه احتياج إنساني للشعور بالانتماء، ابتداء من فراغ صغير يعبر عنا ويُشبع شعورنا بالانتماء، وصولاً إلى حبنا لفراغنا الخاص هذا ولوطننا.

إلا أنّ وطني لا يملأ فراغه اليوم إلا الدمار. لا أتحدث هنا عن أكوام الحجارة والأنقاض، وإنّما عن تلك المسافات التي فصلت بين الجسد و الروح قسراً، ظنّاً بنا نحن المهجرون، أنها مسافة أمان. والحقيقة أنه خاب ظنّنا بكلّ المسافات الأفقية والعمودية والعابرة للبحار وللقارات أن تنجح في اقتلاع أرواحنا من تلك الأرض. روحي لا تزال تحوم في فراغ غرفتي الصغير في كلّ ليلة تقريباً وكأن الإثني عشر عاماً من الحرب قد حدثت خارج المخططات الزمكانيّة في هذا الكون.

هجرة لاختلاف الآراء 

لقد قدّم لي القدر فرصة لزيارة الوطن مؤخراً، وذلك بعد غياب عشر سنوات عن تلك الأراضي التي تسمّى سوريا. عبرت الحدود التركية إلى شمال غرب سوريا، حيث يوجد معقل المهجرين القسريين من جميع أنحاء الوطن، لألتقي بمن لم ألقاهم من قبل، وأمشي وأجلس في أماكن لم تطأها قدماي من قبل، وأنام تحت سقف غرفة لم تكن غرفتي منذ فارقت ذلك الفراغ المعماري المحبّب لي في حمص.

المقاربة كانت في وجوه النساء اللواتي التقيتهن، كنّ مثل تلك اللوحات التي اعتدت رسمها بالأبيض والأسود، جميلات وقويات ومدافعات. لم يتغيّر شيء في تلك الوجوه، إنّما تغيّر مقدار قدرتنا جميعاً كنساء على الصمود والمتابعة، لقد خلقنا أدواراً جديدة للأنثوية، ولم يخطر ببالنا أبداً أننا سنقدر عليها بعد هذا التهجير.

توابع الزلزال في القرداحة وريفها

27 تموز 2023
لم تجذب مدينة القرداحة الواقعة في شمال غرب البلاد الكثير من الاهتمام الإعلامي في أعقاب كارثة الزلزال. المنطقة المعروفة بين السوريين على أنّها مسقط رأس النظام، بشار الأسد، ومعقل للموالين...

المرأة دفعت ثمناً باهظاً، لا استثناء للجندرية هنا، فهي (المرأة) هربت مع من هرب واعتقلت مع من اعتقل، ولم يكن الخيار الأمثل لهن الانخراط في الهجرة الداخلية أو الخارجية لكنهن اضطررن لذلك، بسبب وسمهن فجأة مع عائلاتهن بالإجرام والإرهاب، كما حلّت عليهن لعنة الملاحقة الأمنية والاستهداف من قبل النظام السوري.

مع ذلك لم تكتف المرأة السورية بدورها كأم وربة منزل، بل أصبحت أماً تحمل على عاتقها قضية نساء أخريات وقضيتها أيضاً. منذ 2011، حين بدأت تُقلّب في المناخ السياسي والإنساني السوري وتعبّر عن رأيها وتشارك جنباً إلى جنب مع أبناء بلدها في تقرير مصيرهم، وحتى هذه اللحظة يزداد نضال النساء السوريات يوماً بعد يوم للتعبير عن آرائهن وتقرير مصير البلاد، خاصة وإنّهن من بين الأكثر تضرّراً بين السكان.

في السادس من شباط الفائت، وفي الساعة الرابعة وسبع عشرة دقيقة صباحاً، لم تكن المرة الأولى التي يسمع فيها السوريون أصوات نحيب وصراخ وهروب الناس من بيوتهم وفقدان ذويهم.

أثر الهجرة القسريّة للمناطق التي زعموا أنّها آمنة على العمران الإنساني في سوريا

حين جاء قرار الأمم المتحدة بإنشاء منطقة عبور آمنة في الشمال السوري، كان الهدف حفظ كرامة هؤلاء المهجرين وحمايتهم،  وتأتي أهمية دراسة مسار المصالحات في أنها تعكس واحدة من أكثر الجوانب تعقيداً في مكوّنات الأزمة السورية، إذ أنها تمثّل نقطة التقاطع ما بين السياسات والتوازنات العسكرية الدولية والإقليمية والمحلية من جهة، والبُنى الاجتماعية للمناطق التي كانت خارجة عن سيطرة النظام. إذاً، وعلى حين غرّة أصبحت الأعداد تتزايد فأصبحوا عدّة ملايين في شمال غرب سوريا وجنوب تركيا. فهل استطاعت الأمم المتحدة بالفعل تحقيق هدفها في حماية المدنيين المهجرين وصون كرامتهم هناك، خصوصاً فيما النساء والأطفال، الذين تعرّضوا للخطر والانتهاكات والحرمان من حقوقهم الأساسية، مثل التعليم والصحة والغذاء والمأوى؟

كثير من المدنيين اضطروا إلى ترك منازلهم وأوطانهم بسبب اتفاقات الإخلاء التي تمت بين طرفي الصراع، أو بسبب فتح الممرات الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة لإجلاء المدنيين من مناطق المواجهات. وفي كثير من الأحيان، كانت هذه العمليات مصحوبة بانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

أولئك المهجرون. كان همهم وما يزال، البحث عن مكان آمن وكريم بعيداً عن ضوضاء الحرب، هاجروا بالملايين نتيجة الحرب والعنف ضد الأبرياء والمدنيين الذي شهدته البلاد منذ عام ٢٠١١.

التضامن ما زال حيّاً بين السوريين...

04 آب 2023
في حادثة غير مسبوقة، تبادل سكان المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري النداءات لجمع التبرعات للخوذ البيضاء وفريق ملهم التطوعي (منظمتان غير حكوميتين لطالما اعتبرتا أنهما مرتبطتان بالمعارضة)، بعد الزلزال...

يعيش اليوم أكثر من 4.5 مليون شخص معظمهم من المهجرين داخلياً والنساء والأطفال في مناطق شمال غرب سوريا، في بقعة جغرافية صغيرة كانت مخصّصة لاستيعاب نصف العدد الموجود حالياً فقط.  هذا الاكتظاظ السكاني أثّر بشكل كبير على شكل المدينة والقرية السورية، إذ لم تكن البنى التحتية في الشمال الغربي مجهزة لاستقبال هذا العدد المضاعف وهذه الصدمات.

لم يكن من السهل التعامل مع تلك الصدمات أو ترميم ما هدمته هذه الحرب المستمرة. نعم مستمرة، ففي كلّ سنة هنالك كارثة جديدة في هذا المكان، والزلزال لم يكن آخرها. إنّ المنطقة هشّة إلى درجة أنّ مستويات الفقر والبطالة والجوع والجهل تزداد فيها سنة تلو الأخرى. ورغم كلّ ذلك، فالسكان هنالك، وقد التقيت بعضهم، يخلقون من العدم إصراراً وحياة. الإنسان السوري حضري بطبعه، سكن وعمّر تلك المنطقة منذ آلاف السنين، وهو قادر اليوم على الكفاح لتأمين سبل عيشه، على الرغم من أنّ الثمن باهظ جداً، خاصة على من اضطر للسكن في المخيمات.

لا يمكن نكران أنّ هذه الظاهرة  في شمال غرب سوريا، قد أثرت على الديموغرافيا في المنطقة، وعلى شكل العمران أيضاً، فكلّ شخص يبحث عن شكل يعبّر عن هويته وخصوصيته في تشكيل المكان. اختلاف البيئات أدّى إلى تغيّر واضح في السلوك وطريقة التعامل مع الخبر أصلاَ. أي باختصار، وضع إنساني ومعيشي سيء ونظرة دونية من بعض شعوب المنطقة أثرت في تشكيل الإنسان في حيز منغلق على نفسه. احتياجات الناس لم تكن متشابهة بالتأكيد ولكن تأمين السكن هو الحاجة الأساسية دون النظر إلى الحاجات الروحية والنفسية في تحقيق الراحة، حيث فقدت المدينة السورية طابع هويتها واستمراريتها واختلفت صورة الحاضر عن الماضي،  وبالأخص في الفترة الأخيرة بعد الزلزال المدمر الذي ضربها. 

مع الزلزال، ازداد الوضع في الشمال سوءاً، انقطعت أواصر الوصول لتلك المعمورة وكأنها غير موجودة لعدّة أيام إبان الكارثة. والموت غالباً أصبح حليفاً لهم فمن لم يمت تحت قصف الطيران والصواريخ والبراميل المتفجرة، مات تحت ركام الزلزال أو ربّما هرباً من الحياة، وربّما كلّ الذين ماتوا كانوا قد نجوا قبلها من الحياة بأعجوبة. 

هذه الأرض أَصغرُ من دم أبنائها
الواقفين على عتبات القيامة مثل
القرابين. هل هذه الأرض حقاً
مباركةٌ أَم مُعَمَّدَّةٌ
بدمٍ،
ودمٍ،
ودمٍ
لا تُجفِّفُه الصلوات ولا الرمل؟
لا عَدْلَ في صفحات الكتاب المُقَدَّس
يكفي لكي يفرح الشهداءُ بحريّة
المشي فوق الغمام. دم في النهار.
دم في الظلام. دم في الكلام.
(محمود درويش)

كلّ هذه السنوات ولم يقتنع السوري بأنه ربّما لم يعد لديه وطن، بل ربّما أشلاء وطن. أصبح الوطن مخيفاً إلى درجة التهديد بالعودة إليه إن كنت لاجئاً أو نازحاً. ساهم هذا في الحد للوصول إلى حقوق  الإنسان الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. 

لقد حرمت العائلات هناك من أهم ما يوفره السكن للإنسان، وهو أول ما تعلمته في تصميم البيت عندما كنت في السنة الأولى من الجامعة، الخصوصية، أن تمتلك فراغاً خاصاً بك يحميك ويحجب عنك ويكشف لك ما تريد أنت فقط. بالمقابل، ما تقدمه الخيمة والمخيّم، هو أن تكشف نفسك أمام أفراد أسرتك كلها وأمام جيرانك ثانياً، وأمام الغرباء ممن تعرفهم ولا تعرفهم ثالثاً.

أما عن محيط سكنهم، فتجد المدرسة من قماش، الطرقات من تراب أو تلال وووديان، لا تخلو غالباً من رواسب الصرف الصحي الذي لم تجد الحلول الهندسية له سبيلاً حتى الآن. نحن نتحدث عن ما يقارب مليوني شخص يسكنون في مجمعات سكنية على أطراف الطرقات في المدن ضمن خيام أو غرف إسمنتية أو كرفانات. لماذا؟ لأن التهجير لم يتوقف حتى الآن. ورغم ذلك لم تسجل موجات النزوح الداخلي منذ سنوات كهجرة قسرية، فأهل درعا وحمص وريف دمشق وحلب وإدلب هُجّروا مرة واحدة، وبعدها باتت هجراتهم الداخلية التالية تسجل كانتقال السكان من منطقة ما في الشمال إلى منطقة أخرى في الشمال لغرض الرزق والعمل والعائلة، وبعضها بسبب الاقتتال والمعارك. تلك الهجرات ليست عبثية كما يخيّل إلينا.

ماذا يعني استهداف مستشفى؟

ترى ماذا يعني لك استهداف مستشفى يقدم  الرعاية الصحية للسكان في منطقة ما؟ مرّة ومرّتان وعشرة؟ ما الرسالة التي تصل للسكان إثر استهداف نقاط حيوية مثل المستشفيات والمدارس في تلك المنطقة؟ اضطر السكان للنزوح مراراً والبحث عن ملاذ آمن  في بقعة جغرافية صغيرة خوفاً من الموت بسبب قصف مستشفى أو مدرسة مجاورة لمسكنهم.

في آخر استهداف دامي من قوات الحكومة السوريّة لمستشفى الأتارب الجراحي، في مدينة الأتارب في شمال غرب سوريا، وهو مشفى محصن ويسمّى مشفى الكهف لأن المهندس اقترح بناءه كمغارة لحمايته من القصف.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية للزلزال الذي وقع في سوريا في شباط 2023

21 تموز 2023
بينما يعتبر الزلازل من الكوارث الطبيعية، يمكن أن تُعزى وطأة هذه الكارثة البشرية الجديدة في سوريا بشكل أساسي إلى أفعال النظام السوري، لإرسائه أسس الدمار من خلال حربه الواسعة ضد...

سقطت القذائف الموجهة على مداخل المشفى الأمامية والخلفية حيث يتجمع الناس هناك عادة في انتظار ذويهم. حدث ذلك في يوم ربيعي من شهر آذار عام ٢٠٢١، وراح ضحيته سبعة مدنيين، منهم أطفال وجرح اكثر من اثني عشر شخصاً منهم كوادر طبية. إنّ هدم مشفى في مدينة ما، أخذ في السياق السوري بُعداً هدمياً أكبر من محيط الفراغ المستهدف، إذ لطالما ترافقت التصعيدات على المنشآت الإنسانية والصحية بحدوث موجات تهجير جديدة. كيف يأمن السكان على أرواحهم في بيوتهم وهم جيران ذاك الفراغ الذي صمّم لتنقذ فيه الأرواح وقد أصابه صاروخ موجه؟

يحاول مدير المشفى وهو مهندس معماري أيضاً إعادة تحصين المكان، خاصة المداخل، لعله يكون قد أخذ بكلّ الأسباب الآن. لكنني أخشى أن يكون الوقت قد تأخر، فمحاسبة الجناة اليوم هي الطريق الأول نحو العدالة وبعده تأتي كلّ الطرق. أعلم أنّ ذلك أمر بعيد، وربّما يُنذر تجاهل العالم المستمر لتلك الجرائم على مرّ عقد من الزمن، بأنّ ذلك ربما مستحيل. فالحرب على أوكرانيا اول نتيجة لذلك التجاهل وللإفلات من العقاب لكلّ الجناة. كلّ ذلك يعني أن السكان في شمال غرب سوريا ملاحقون وغير محميين.

في بداية الحرب على أوكرانيا، طلب مني نائب المنسق الإنساني لمكتب شمال غرب سوريا، مارك كتس آنذاك، نصيحة منّا كنساء سوريات، نقدمها لمكتب الأمم المتحدة/أوتشا في أوكرانيا بما يخص إنشاء ممرات إنسانية للمدنيين هناك. حينها مرّ في ذاكرتي شريط أحداث كاملة للهجرات القسرية التي تمت تحت غطاء الممرات الإنسانية في سوريا، مثل تهجير سكان كبرى المدن السورية الغوطة الشرقية وداريا وحمص وحلب ومعرة النعمان.. الشاهد على مسرح الجرائم تلك هو الجهل والخذلان، إذ لم يعلم المهجّرون إلى متى سيطول غيابهم؟ أو ماذا سيبقى لهم من ديارهم؟ أو ما الذي ينتظرهم هناك في المنطقة الآمنة؟ لقد حوّلت المعابر الإنسانية  قضية هجرة السكان خوفاً وهرباً من الموت لشمال غرب سوريا من قضية حماية حقوقهم وكرامتهم إلى قضية رصد احتياجاتهم المتزايدة وطلب التبرعات المالية لتغطيتها، هذا لم يكن في الحسبان آنذاك، حتى اللاوعي لدينا لا يزال متمسكاً بأننا لازلنا هناك في ديارنا ولم نخرج منها.

لقد أجبرنا على الجهل بمصيرنا طوال تلك السنوات وحتى الآن نسأل: كيف حصل ذلك ولماذا؟ هو ما أصبح مهماً لنا  كعمال إنسانيين لنستطيع ترميم كل  تلك الأخطاء ذات العلاقة بالجهل بحقوقنا في القيادة والمشاركة في تقرير شكل حياتنا، غذائنا، بيوتنا، وحتى في الجسور التي نأذن بها لدخول العون وتحيات السلام من الآخرين، وتلك الأخيرة تحتاج مهارات هندسية إضافية ولا شك.

لقد أصبح من الحتمي علينا كمهندسين تطوير مهاراتنا في بناء الجسور بحيث لا تقتصر على الإبداع في التصميم وحساب كميات المواد اللازمة من الإسمنت والحديد أو حسابات القوى المؤثرة وردود فعلها، فهناك جسور يحتاج بناؤها للمفاوضات وقوة الموقف السياسي والإنساني في آن، بحيث لا تتأثر بالزلازل أو بالحروب، بل تبقى طريقاً آمناً لعبور المهارات والخير والثقافات بين البشر، عابرة للحدود وغير مقيدة بزمن. فالهجرات قدر البشرية مهما اختلفت أسبابها، فذاك الزلزال لم ينته بعد، ويبدو أنه مستمر كي يعلمنا كيف أنّ هذه البلاد قد عادت إلى نقط الصفر فعلاً وتحتاج إلى البناء بدءاً من تلك العتبة.

ستُفتح أبوابٌ جديدة للحياة في هذا المكان، فنحن "نحبّ الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا".

مقالات متعلقة

12 عاما من الاستجابة الطارئة قبل الزلزال

06 آب 2023
قبل الزلزال، وصفت الأمم المتحدة الاستجابة الإنسانية في سوريا بأنّها واحدة من أكثر الاستجابات الطارئة تعقيداً في العالم، وقد كان لاستمرار هذه الاستجابة لمدّة ١٢ عام تحت حالة الطوارئ أثر...
التعابير الفنية عن الزلزال

12 آب 2023
إنّ متابعة مضامين وأسلوبيات الأعمال الفنية السورية التي ارتبطت بحادثة الزلزال الذي وقع بتاريخ السادس من شباط/ فبراير العام 2023، وشملت أضراره مساحات واسعة من تركية وسورية، تمكننا من تلمّس...
حين انهار العالم أمام أعينهم

25 آب 2023
يحتاج الأطفال لاهتمامٍ أكبر من البالغين، للتغلب على صدمات زلزال تركيا. هذا ما تقوله أخصائية علم النفس السريري زينب بهادير، ذات الخبرة في مجال متلازمة ما بعد الصدمة جرّاء الكوارث...
بعد أشهر من الزلزال.. نجونا مع ندبات قاسية

18 آب 2023
"ربما تَمسّكُ ابنتي بي وخَنقي من شدّة خوفها، ثبتَ جذوري لأقاوم وأصمد قليلاً أمام اهتزاز الكون حولي، وصراخ الأرض التي أفرغت كلَّ ما عندها من ضغينة لمن يعيشون فوقها" هذا...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد