في مضايا: داريَّا أيقونة الثورة


25 نيسان 2016

تعرِف مضايا ما يعنيه الحصار، وهي التي تعانيه منذ تموز 2015، لذلك فإن أبناءها يتلمسون أوجاع أخوتهم في المدن المحاصرة أكثر من غيرهم، ومن هذه المدن داريا التي تحولت إلى رمز للمأساة السورية في الأشهر الأخيرة.

جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.
جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.

في 16 أبريل 2016 دخل وفد من الأمم المتحدة مدينة داريا دون أن ترافقه أية مساعدات إغاثية للمحاصَرين، فقد كان دخولهم للاطلاع على الوضع الإنساني في المدينة، ولم يترافق ذلك مع أي تصريح يعِد بإنقاذ آلاف العائلات التي تعاني الجوع والنقص الحاد في المواد الطبية، وبعد ثلاثة أيام، وقف أبناء مضايا رافعين لافتات تطالب بفك الحصار عن داريا، فرفعوا لافتة "الأمم المتحدة تقوم برحلة استجمام إلى داريا"، في سخرية من هذا الوفد الذي لم يقدم شيئاً مجدياً لـ 8300 مدنياً نسبة كبيرة منهم أطفال، وكان المشاركون حسبما صرح الناطق الإعلامي باسم المجلس الثوري المحلي في مضايا ثلاثين شخصاً من الناشطين والمدنيين، أما الرسالة التي أرادوا إيصالها فكانت "إنذاراً بأن لا تتكرر مأساة مضايا في داريا، حيث بلغ عدد الوفيات من الجوع ثلاثةَ مدنيين يومياً خلال الأيام الخمسة الأولى من 2016"، كما كانت دعوة لكل "مهتم بالشأن السوري إلى التحرك بشكل سلمي للضغط على  قوات النظام وحزب الله الذين يحاصرون داريا منذ أربع سنوات"، حيث بلغ عدد البراميل المتفجرة التي سقطت على داريا 6600 برميلاً حسب إحصائيات المركز الإعلامي في المدينة.

جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.
جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.

"العالم مشغول بترتيب جنيف، وأطفال داريا يبحثون عن الرغيف"، كانت هذه إحدى اللافتات التي رفعها أبناء مضايا في إشارة إلى المعارضة والمجتمع الدولي الذي يبحث عن تسوية سياسية دون الالتفات إلى معاناة المدنيين، ولنا أن نتساءل عن السبب الذي يجعل النظام يمتنع عن إدخال أية مساعدات إلى داريا دون غيرها من المدن والبلدات السورية؟، ولماذا بقيت وحدها تعاني الحصار حتى بعد الهدنة بين النظام والمعارضة في شباط 2016؟.

جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.
جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.

إضافة إلى نشاطها السلمي المميز، فإن ما يميز داريا، النظام الإداري المطبق ضمن مكاتب المجلس المحلي، والذي يقضي باستقلال المؤسسات الأمنية والقضائية عن كتائب الجيش الحر، وهو ينقسم إلى ثلاثة مستويات، المكتب التنفيذي، ويضم رئيس المجلس ونائبه وأعضاء من المكاتب المدنية والعسكرية، الهيئة التشريعية، وتقوم بدور رقابي على عمل كافة أعضاء المجلس بمن فيهم الرئيس، والهيئة العامة التي تضم جميع العاملين في المكتب التنفيذي، ويتم انتخابهم بشكل دوري من قبل العاملين في المجلس. هذا الهيكل الصلب للمجلس المحلي منع الحراك الثوري في داريا من التفكك حتى في أصعب ظروف الحصار، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يصر النظام على حصار المدينة وتجويعها بعد أن فشل في اقتحامها؟، ألا يستطيع أن يعقد هدنة مع فصائل المعارضة المسلحة تتضمن إدخال المساعدات كما فعل في حي الوعر ومعضمية الشام وغيرها؟.

جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.
جانب من وقفة مضايا مع داريا، المصدر: المجلس المحلي لمدينة داريا، فيسبوك.

أهمية الموقع الجغرافي لداريا تجعل النظام يستبعد فكرة الهدنة، فهو يريد هذه المدينة بأي ثمن، داريَّا تقع على بعد سبعة كيلومترات فقط من القصر الجمهوري، وكيلومترين عن مبنى رئاسة مجلس الوزراء، الواقع في حي كفرسوسة، قرب مطار المزة العسكري، إضافة إلى ذلك، فإنها تتوسط أحياء الميدان والقدم والمعضمية وجديدة عرطوز، وجميعها أحياء منتفضة وقريبة من العاصمة دمشق، كل هذا يدلنا على الأهمية الاستراتيجية لهذا المدينة بالنسبة إلى النظام الذي يستمر بادعاءاته عن وجود إرهابيين في المدينة، منها تصريحه عن مقتل 37 "إرهابياً" بواسطة سلاح الجو في شباط 2016.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد