طلاب السويداء: حطمتونا


12 نيسان 2016

في السويداء، يستمر النظام بطلب المدرسين للخدمة الاحتياطية في الجيش، ويستمر المدرسون بالهجرة أو الاختباء، بعضهم فُصل نهائياً من عمله بسبب تهربه من الخدمة، ما أدى إلى فراغ في المدارس، يضاف إلى ذلك كثير من الإجراءات التعسفية بحق الطلبة والمدرسين، من الاعتقال والتهديد بالقتل في حال لم يتوقفوا عن نشاطاتهم السلمية.

منذ شهر سبتمبر 2015، تنشط في السويداء حملة بعنوان خنقتونا، وكان من أبرز أعمالها اعتصام أهالي السويداء لثلاثة أيام أمام مبنى المحافظة، وكانت مطالب المعتصمين وقتها تقتصر على بعض الأمور الخدمية، كالمحروقات والكهرباء، ثم ارتفعت لتشمل إقالة محافظ السويداء "عاطف الندَّاف" الذي رفض مقابلة المعتصمين، وإقالة أمين فرع حزب البعث "شبلي جنود"، أما إجراءات النظام لفض هذا الحراك فقد بدأت بقطع خدمة الإنترنت عن محافظة السويداء، بهدف منع التواصل لإعادة ترتيب الاعتصام من جديد، وكان لـ "شيوخ الكرامة" دور بارز في حماية المعتصمين من الأمن والشبيحة، بمشاركتهم وفرضهم طوقاً أمنياً حول الاعتصام، إضافة إلى تشكيلهم مجموعة مسلحة للتدخل في حال أرادت قوات الأمن فض الاعتصام بالقوة، وفي اليوم التالي، عندما لم يستجب أحد لهذه المطالب، صعَّد أهالي السويداء من حراكهم، فخرجوا بمظاهرة جابت شوارع المدينة، وانتهت بتفجير اغتيلَ فيه القائد الأبرز لهذا الحراك، "وحيد البلعوس"، وراح ضحيته حوالي خمسين شخصاً من المدنيين، ما سبب هيجاناً شعبياً ما لبث أن انتهى بعد أيام.

https://www.youtube.com/watch?v=FRgQDboYG6I

تعود السويداء إلى الاعتصام من جديد في حملة حطمتونا، التي وكما أكد مطلقوها أنها استمرار لحملة "خنقتونا"، حيث تداعى المئات من طلبة السويداء إلى الاحتجاج على ضعف الكادر التدريسي، فوقفوا أمام مبنى المحافظة هاتفين برفضهم لسوق المدرسين إلى الخدمة الإلزامية، وتنديدهم بالفساد الإداري، ولنا أن نتساءل عن محرِّك هذا الاعتصام الذي بدأ في 07/04/2016، والمتمثل بالتجنيد الإجباري، فهل هو أكثر قوة من القتل والتهجير وسائر مآسي الحرب الدائرة في سورية حتى يستدعي اعتصاماً؟.

جانب من وقفة "حطمتونا"، المصدر: موقع سويدا خبر.
جانب من وقفة "حطمتونا"، المصدر: موقع سويدا خبر.

الكاتب "طارق عبد الحي" تحدث لـ (حكاية ما انحكت) عن هذه النقطة، فالحراك في السويداء حسب قوله ينقسم إلى قسمين: ثوري ومطلبي، ويندرج هذا الاعتصام في بند المطالب، وإن كان يحمل في مضمونه نفَساً تغييرياً ثورياً يحاول الطلبة تغطيته عن قصد، بسبب الوضع الأمني والطبيعة المجتمعية المعقدة في السويداء، كما أن الطلبة يريدون أن يقولوا إنهم فئة واضحة لها مصالح وحقوق يجب احترامها، خصوصاً طلبة المرحلة الثانوية الذين أصبحوا بلا مستقبل بعد غياب مدرسيهم.

لكن لماذا تنتفض السويداء دون غيرها من المحافظات حول هذه النقطة؟، يجيب طارق إنه يمكن أن نحسب الأمر من خلال النسبة، فعدد سكان المحافظة حوالي 300000 نسمة، نسبة كبار السن والنساء والأطفال 65%، و35% دون الأربعين، نصفهم مطلوب للتجنيد، وأغلبهم رفَضَه.

جانب من وقفة "حطمتونا"، المصدر: موقع سويدا خبر.
جانب من وقفة "حطمتونا"، المصدر: موقع سويدا خبر.

من خلال اللافتات التي حملها الطلاب، ومنها "طفح الكيل"، و"يا طالب بحقك طالب"، و"لا لتجنيد المدرسين"، نتلمس أن المطالب التي يريدونها تتجاوز مسألة عودة مدرسيهم، خصوصاً إذا علمنا أن هذا الاعتصام ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأن خرج الطلاب في وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في 23/03/2016، أما هذه المرة، فإن الاعتصام المفتوح يحمل صيغة اعتراضية على الحل الأمني في السويداء، ربما يتطور لاحقاً ليصبح مناهضاً للنظام بشكل مباشر، سيما وأن الوضع التدريسي والخدمي في المدينة يتجه من سيء إلى أسوأ.

وقفة طلاب السويداء في 23 آذار 2016، المصدر: شبكة أخبار السويداء، فيسبوك.
وقفة طلاب السويداء في 23 آذار 2016، المصدر: شبكة أخبار السويداء، فيسبوك.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد