دوما: لعفرينَ سلامٌ واحترام


09 شباط 2016

كما أن الثورة السورية قد بدأت بالمراسلة بين أفراد أحرار عبر وسائل التواصل، فإنها بقيت حتى اليوم عبارة عن مرسال حرية، مَن مِنَ السوريين ينسى تلك الهتافات التي خرجت في مظاهرات درعا أول الثورة، "يا حمص، حِنا معاكي للموت"؟، في حين كان أبناء حمص يرددون "يا درعا نحنا معاكي للموت"،  ذلك الهتاف الإنساني يحمل في طياته معنىً وجودياً، فأبناء كل مدينة يعرفون أن الخلاص لن يتحقق إن لم يكن جماعياً، بالوقوف في وجه الديكتاتور الأعمى.

اليوم، وعلى الرغم من شدة القصف  بطائرات النظام والطائرات الروسية، فإن كثيراً من المظاهرات السورية ما زالت عبارة عن رسائل بين المدن، كمظاهرات دوما التي تعرضت خلال عام 2015 وحده إلى 44 مجزرة ذهب ضحيتها مئات المدنيين وآلاف الجرحى، لكن المجلس المحلي في دوما ما زال ينظم أنشطة للوقوف مع المدن الأخرى، ومنها وقفة أقيمت في 05/02/2016 تضامناً مع السوريين الأكراد، للتأكيد على حقوقهم في إنشاء مجلس وطني كردي، وعلى أن السوريين من أكراد وعرب يد بيد حتى إسقاط نظام الأسد.

من الوقفة التضامنية، المصدر: صفحة المجلس المحلي لمدينة دوما.
من الوقفة التضامنية، المصدر: صفحة المجلس المحلي لمدينة دوما.

لا يوجد أسباب دفعت أبناء دوما للخروج بهذه الوقفة، فكما يصرح  أحد أعضاء المجلس المحلي في المدينة لـ (حكاية ما انحكت)، أنه لو توقف القصف لساعات محددة يومياً، لخرج أهل دوما تضامناً مع كل قرية ومدينة سورية تتعرض للظلم والقهر، لكنهم لا يضمنون لو تجمعوا غارة تستهدفهم وتوقع أكبر عدد من الضحايا، وما كانت مشاركتهم في هذه الفعالية إلا لأنه قد أتي لهم قليلاً من الوقت بعيداً عن الغارات.

هدفَ الدومانيون من هذه الوقفة التأكيد على الأفكار والمبادئ التي انطلقت من أجلها الثورة، وعلى أن سوريا تجمعنا من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، كرداً وعرباً ومن سائر القوميات والأديان، ويضيف عضو المجلس المحلي أنهم لم يعودوا ينظمون المظاهرات، فقد أصبحت جزءاً من ثقافة السوريين وهويتهم، تكفي دعوة عبر المجالس المحلية لينضم العشرات من المدنيين، لكنهم لم يستطيعوا الوقوف أكثر من نصف ساعات، ليفرقهم تجدد الغارات على المدينة.

من الوقفة التضامنية، المصدر: المجلس المحلي لمدينة دوما.
من الوقفة التضامنية، المصدر: المجلس المحلي لمدينة دوما.

ما يميز دوما منذ بدء الثورة هو العمل الهادئ والحرفي، واتباع استراتيجية الصبر في النضال ضد النظام، دون تفرط بالكوادر العاملة، أو استعجال النتائج المرجوة، هذا يفاجئوننا بخطوات خارج سياق المناسبات ومنها هذه الوقفة التي كان من شعاراتها "أيها الأكراد، إيدنا بإيدكم"، و"معاً لتأييد قرارات المجلس الكردي"، و"من دوما إلى عفرين، سلام واحترام".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد