أنقذوا ما تبقى، أنقذوا بقية المعتقلين


13 تموز 2015

على جدار داريا المهدمة، وجدران حي القابون الدمشقي المحاصر بالموت وحي الوعر المحاصر على وقع موت لا يتوقف، ثمة رسوم ولافتات يرسمها محاصرون لمعتقلين في سجون النظام المستبد، وكأن المحاصر أكثر من يشعر بألم المعتقل فتغدو رسومه ورسائله إليه، و كأنها رسائل من الذات المحاصرة للذات المعتقلة.

هذه الرسومات تأتي ضمن حملة "أنقذوا البقية" التي يطلقها الناشطون للمرة الثانية للتذكير بأن السجين لازال يغيّب معتقلاً يمكن انقاذه قبل أن تتلقفه يد الموت. الحملة التي بدأ التخطيط لها في صيف عام 2014 و انطلقت مرحلتها الأولي في كانون الثاني عام 2015 بقيت مستمرة حتى اليوم، ولم تكن مجرد حملة و إنما محاولات كثيرة ومختلفة للتقليل من حجم الخسائر الإنسانية.

save the rest13
رسم على جدار مدينة داريا ضمن حملة أنقذوا البقية....المصدر: صفحة صوت المعتقلين على الفيسبوك

أي معلومة تكون مفيدة من الممكن أن تجدها في الحملة: تسريبات عن معتقلين لازالوا أحياء، وتعليمات للأهل في حال أرادوا زيارة معتقليهم في السجون، إلى درجة أنك قد تجد معلومة مفيدة قد تقودك للفرع الأمني الذي ينبغي تقديم الطلب إليه، أو السرفيس الذي يوصلك للمكان المقصود.

ومع اقتراب انعقاد الجلسة التاسعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجد شباب الحملة الفرصة مناسبة للضغط بشكل أكبر لوضع قضية المعتقلين على رأس أولويات المعارضة السورية والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، كما قال أحد شباب الحملة لحكاية ما انحكت.

شارك في الحملة مجموعة كبيرة من الناشطين المستقلين، من بينهم معتقلين سابقين وناشطين حقوقيين، بعضهم يعيش في الخارج والبعض الآخر في الداخل، ومنهم المحاصر في مناطق المعارضة أو في المناطق التي يسيطر عليها النظام، بالإضافة للعديد من الجهات الحقوقية و الإعلامية.

أثمر هذا الجهد المشترك عن العديد من النشاطات، منها تسريب رسائل من المعتقلين في سجون النظام وطباعتها وترجمتها إلى عدة لغات و من ثم توزيعها على الحاضرين في جلسة حقوق الإنسان، و إحدى الجلسات الجانبية الخاصة بسوريا، كما تم تحويل رسائل المعتقلين إلى صيغة صوتية سيتم بثها عبر عدد من الإذاعات. أحد هذه الرسائل الصوتية أخذ عن فيديو تم تصويره من قبل حملة "بدون الأسد" لأحد السجون في مدينة إدلب، وذلك بعد خروج القوات النظامية منها بالإضافة لعرض الفيديو نفسه في إحدى الجلسات الملحقة بمجلس حقوق الإنسان في جنيف.

وضمن الحملة نفذ مجموعة من النشطاء وقفة تضامنية مع المعتقلين في مخيم اليرموك المحاصر، وشارك ناشطون سوريون في الجزائر بلافتات و من خلال تمثيل وضعيات المعتقلين في المعتقل، كما نشرت مواد إعلامية بهدف المناصرة لقضية المعتقلين منها "خواطر المعتقلين" وهي عبارة عن مواد مسربة من سجون النظام السوري، وتم تصوير فيديو لأبناء المعتقلين في الغوطة الشرقية يحمل عنوان "أنقذوا أبي" كما وصلت العديد من مشاركات الناشطين مع الحملة من داخل سوريا وخارجها.

save the rest12
مشاركة شباب مخيم اليرموك المحاصر ضمن حملة أنقذوا البقية....المصدر: صفحة صوت المعتقلين على الفيسبوك

ووجهت الحملة رسائل رسمية باسم 250 ألف معتقل في سجون النظام السوري إلى كل من المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير "زيد رعد الحسين"، ورئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا "باولو سيرجيو بينهيرو"، ورئيس مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "يواكيمروكر" إضافة إلى عدد المؤسسات والشخصيات الحقوقية الأخرى، لمطالبتهم بالتحرك العاجل وتقديم المساعدة لإنقاذ المعتقلين.

يجد شباب الحملة بأن من نتائجها المباشرة أنهم استطاعوا الوصول لدوائر القرار في العالم، فمثلاً "استخدمت وزارة الخارجية الأميريكية الهاشتاغ الخاص بالحملة، ولكننا لازلنا بانتظار خطوات عملية من قبل جميع الجهات التي تمت مراسلتها، والموضوع قيد المتابعة" كما يقول أحد نشطاء الحملة لحكاية ما انحكت، في حين تجلت نتائجها الغير مباشرة بأن نشاطات الحملة تشكل جهداً تراكمياً يخدم هدفهم في إعادة قضية المعتقلين إلى أولويتها على الصعيدين السياسي (محلياً و دولياً) و الإجتماعي.

أن يثابر الناشطون على متابعة نشاط الحملة و تكرارها للمرة الثانية دون أن يتوقف عملهم يوماً بين الحملتين، يبين أن ثمة إرادة قوية مثابرة لا تكل ولا تمل عن قرع جدران الخزان العالمي الأصم، علّ أحدا يتحرك لايقاف إحدى أكبر المجازر الصامتة في القرن الواحد والعشرين، و التي يرتكبها النظام المستبد في معتقلاته.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد