محمد كامل


كاريكاتيرات "محمد كامل" صرخة وجع، تسعى للتعبير عن جراح السوريين وآلامهم، ساعية لنقل الوجع السوري للعالم أجمع، واستيلاد بسمة من رحم هذا الألم، بسمة تطل على المستقبل لتقول أن مستقبل كل دكتاتور خلف القبضان مهما طال الزمن.

10 تشرين الثاني 2014

رغم أن الفن لدى "محمد كامل" ككريات الدم، إذ "ولدت وكأن الريشة كانت في يدي. وهذا ما جعل الرسم جزء أساسي في حياتي. والآن أصبح مهنتي بعد أن اختارني وسيطر علي قبل أن أختاره"، فإن الثورة السورية ( آذار، 2011) كانت بمثابة حدث مفصلي في حياته، إذ "سنوات كثيرة رسمت للتعبير عن نفسي لكن هذا تغيّر بيوم واحد .. ومن ذلك اليوم وأنا أرسم من أجل الوطن وليس من أجلي" كما يقول الفنان لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
مذاك تضاءل الهاجس الشخصي في لوحة الفنان ليتقدم الهاجس الوطني العام، لأنه شعر بأنه "ملزم بأن يوصل صوت كل من يحارب ويخاطر بنفسه من أجل بقاء شعبنا وتحريره من النظام الطاغية المستبد"، مؤكدا أن فنه هو "سلاحي الوحيد الذي أملكه. نعم ليس باستطاعته القتل، لكن أحيانا يصل إلى الشخصيات الصحيحة، وبإمكانه أن يفعل الصدى ويؤثر على صناع القرار".
كغيره من السوريين رأى الفنان المولود في دمشق، والحائز على شهادته في الفنون الجميلة من جامعة دمشق في الفيسبوك متنفسا له للتعبير عما يجول في ذهنه، فحين رأى أصدقاءه ومن حوله يهتمون بما يرسم " قررت أن أفتح صفحة على الفيسبوك"، حملت عنوان "كاريكاتيرات الثورة السورية"، ففي بداية الثورة، وحتى قبل أن تبدو أيدي حزب الله وإيران متورطة "بدماء شعبنا الغالي رسمت السفاح بشار وهو يستمتع في مسبح الدماء والفواشات التي تحميه من الغرق هم واحدة نصر الله وواحدة أحمدي نجاد"، متابعا "الإعجاب الكبير الذي حظي به هذا الكاريكاتير ونشر على صفحات كثيرة في الفيسبوك والتعليقات الإيجابية أثبتوا لي بأنني في الاتجاه الصحيح وغرسوا بداخلي الإصرار على الاستمرار في العمل وإيصال صرخة شعبي بطريقي".
الفنان المتفرغ لليوم لرسم الكاريكاتير الذي يعتبره "الإنتاج العصري للرسم" لأنه "يجذب كل عين ويتكلّم مع كل قلب"، واصل تعبيره عن الثورة السورية، إذ لم يمر حدث دون تعليق فني من قبله، بدءا من أصغر التفاصيل إلى أكبرها مثل السلاح الكيميائي الذي استخدمه النظام ضد شعبه، والانتخابات.
خطر الاستبداد لم يمنع الفنان من رؤية الأخطار الأخرى المحدقة بالسوريين، فمع تفاقم "تفاقم فظائع جرائم داعش في سوريا بدأت الرسم في هذا الموضوع" دون أن يغفل عن رؤية أن "الإرهاب في سوريا الذي هو مصدر الخطر الرئيسي لدول الغرب الذي أفاقهم من سباتهم، وكأنهم نسوا أن السفاح الأول هو بشار وما زال يستمر في القتل"، مقدما بذلك إدانة مبطنة للسياسات الغربية في سوريا، وخاصة الأمريكية، وهو ما نراه بوضوح في لوحة حملت اسم "والله مو أنا هوي"، ترصد الأمريكي غاضب من داعش والدكتاتور في حين يقول الأخير بخوف للشرطي الأمركي: "والله مو أنا هوي"، محددا سقف الدر الغربي على الجرائم المرتكبة بسوريا بمجرد غضب عابر، في الوقت الذي يقتل به الناس، ناهيك عن اللوحات التي تجمع بين الدكتاتور وداعش للتعبير عن أنهما واحد في نهاية المطاف، دون أن ينسى الإشارة إلى أن الشعب السوري يرفض داعش في نهاية المطاف، وهو ما نراه بلوحة تحمل عنوان "نرفضكم" حيث نرى امرأة تدوس على رأس رجل من داعش.
السخرية المؤلمة تحتل مكانها البارز في لوحة "محمد"، حيث نرى السخرية من الأمم المتحدة التي غيّرت ثلاث مبعوثين لها في سوريا حتى الآن في لوحة "اللي بعدو" و لوحة " دكتور العيون بدو عوينات" الساخرة من مهنة الدكتاتور الأساسية.
كاريكاتيرات "محمد كامل" صرخة وجع، تسعى للتعبير عن جراح السوريين وآلامهم، ساعية لنقل الوجع السوري للعالم أجمع، واستيلاد بسمة من رحم هذا الألم، بسمة تطل على المستقبل لتقول أن مستقبل كل دكتاتور خلف القبضان مهما طال الزمن.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد