القامشلي: هل تبدأ منها الحرب العالمية الثالثة؟!

أم حرب باردة صامتة؟


"محدا جاي كرمالنا، الكل عم يدور ع مصلحتو، الله يجيرنا من الآخرة" هذا ما يقوله الحاج أمين الجالس قرب المدفأة في مدينة القامشلي وهو يلف سيجارته بيديه، مبديا رأيه في وجود القوات الأميركية والروسية داخل مدينته، حيث يتخوف الأهالي من صدام بين الطرفين، لا يشعل المدينة وحدها، بل العالم كله؟ فما حقيقة هذا الأمر؟ كيف ينظر الطرفان الروسي والأميركي إلى وجودهما بجانب بعضهما في مدينة واحدة؟ وما هو موقف قسد والحكومة السورية؟ وما هو موقف الأهالي؟

20 أيار 2020

هوشنك حسن

صحفي كردي سوري، مقيم في القامشلي، شمالي سوريا. يعمل منذ 7 أعوام في الإعلام المرئي والمكتوب. حاصل على جائزة أفضل صحفي في شمال شرق سوريا للعام 2019، عن فئة التقارير المصورة من قبل اتحاد الإعلام الحر.

(القامشلي)، بداخل مقهى شعبي وسط مدينة القامشلي أقصى الشمال الشرقي لسوريا، يجلس الحاج أمين قرب المدفأة لعلها تقيه من موجة البرد الشديدة التي تعصف بالمنطقة هذه الأيام، وعلى بعد بضعة كيلومترات منه يتواجد جنود أجانب، كلّ منهم داخل قاعدته، يتخذ بعضهم الدب شعاراً لقوّته، أما البقية فيعتبرون انتشارهم حول العالم رمزاً لقوتهم.

يقول الحاج السبعيني قابضاً بيديه المرتجفتين على لفافة التبغ الرخيص التي لفت باليدين نفسها: "رأيت مثل هذا البرد مراراً، خاصة أثناء طفولتي، لكن لم أكن أتخيل أني سأرى أولئك الجنود الذين أتوا من آخر الدنيا إلى هنا"، مشيرا إلى القوات الأمريكية والروسية.  يقولها بابتسامة ويزيد كمية الوقود المتسربة إلى نار المدفأة.

الوجود الأمريكي

يعود تاريخ وجود القوات الأمريكية التي تقود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إلى أواخر العام 2014، وعلى وجه الخصوص أثناء معركة كوباني/عين العرب، حين أتت لمساندة وحدات حماية الشعب (العماد الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية)، وتكلل هذا التنسيق بطرد التنظيم من المدينة، ليبدأ "التحالف" بعدها بإنشاء قواعد وثكنات عسكرية في مناطق مختلفة من شمال وشرقي سوريا، ومنها مدينة القامشلي.

بحسب المعلومات التي حصلت عليها "حكاية ما انحكت" من عدة مصادر متطابقة، فإن عمل القوات الأمريكية في القامشلي هو استخباراتي بالدرجة الأولى، ويركز بشكل رئيسي على ملاحقة خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" التي تنشط في المنطقة، لا سيما تلك المناطق التي كان يسيطر عليها.

(جندي أمريكي داخل إحدى الثكنات التابعة للتحالف بالقرب من القامشلي، تصوير هوشنك حسن. تاريخ 6 أذار/ مارس 2020. خاص حكاية ما انحكت)

يتواجد داخل الثكنة الموجودة في القسم الغربي لمدينة القامشلي عدد من الجنود والضباط، وخبراء في الشؤون العسكرية والاستخباراتية، لكنهم أوقفوا 90٪ من مهماتهم ضد التنظيم بعد قرار الانسحاب الذي أعلنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019. وبحسب مصدر مطلع على عمل القوات الأمريكية، فإن المهمة الأساسية لهذه الثكنة مؤخراً باتت مراقبة تحركات القوات الروسية واعتراض دورياتها، والتي دخلت بدورها عقب الانسحاب الأمريكي.

الجار غير المتوقع والخصم

كانت القوات الأمريكية هي القوات الأجنبية الوحيدة داخل مدينة القامشلي لسنوات عدة، لكن في منتصف تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم، جاءت القوات الروسية كي تتمركز داخل مطار القامشلي وعلى بعد /4/ كم فقط من مكان تواجد القوات الأميركية، في حادثة نادرة في العالم.

الدخول الروسي جاء بعد توقيع تفاهم بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، تفضي بانتشار الجيش السوري على الحدود السورية التركية، عقب العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا تحت مسمى "نبع السلام".

(عربات للشرطة العسكرية الروسية، خلال تسييرها أول دورية في مدينة القامشلي، تصوير هوشنك حسن. تاريخ تشرين الأول/ اكتوبر 2019. خاص حكاية ما انحكت)

مطار القامشلي بات اليوم نقطة تمركز استراتيجية للشرطة العسكرية الروسية شمالي سوريا، حيث يتم تسيير جميع الدوريات المشتركة مع القوات التركية أو الاستطلاعية الروسية من هناك، وقامت القوات الروسية ببناء قاعدة عسكرية لها داخل حرم المطار، وثبّتت بداخلها أسلحة متطورة وأجهزة رادار للتعقب، كذلك هناك طواقم عسكرية وطبية وعدد من أعضاء الشرطة العسكرية، بالإضافة لعدد من الحوامات التي تقوم بطلعات جوية في المنطقة بشكل متكرر، بحسب مصدر عسكري يعمل مع القوات الروسية، وشاهدت "حكاية ما انحكت" أثناء زيارتها للمطار نفسه ما يشبه غرفة تنسيق ويتواجد بداخلها عدد من الضباط الروس الجالسين خلف أجهزة تعقب وأجهزة أخرى، بالإضافة لخرائط معلقة على الجدران، لم يُسمح لنا بتصويرها.

القامشلي...

هي مدينة سورية تمتد بمحاذاة الحدود التركية في أقصى الشمال الشرقي لسوريا. لا تتعدى مساحتها 37كم2، وقد قام الفرنسيون ببنائها في العام 1921. يسكنها اليوم خليط من الكرد، العرب والسريان ويعيش فيها ما يقارب 200 ألف نسمة، بحسب مصادر غير رسمية، قسم منهم جاؤوا نتيجة النزوح من المناطق السورية الأخرى إليها.

(مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، تصوير: هوشنك حسن، مطلع 2020. خاص حكاية ما انحكت)

تشترك كل من قوات سوريا الديمقراطية والقوات الحكومية السورية السيطرة عليها، فالحكومة تُسيطر على ما يُعرف بـ "المربع الأمني"(مساحة يتواجد بداخلها عدد من المقرات الأمنية والعسكرية وعدد من المؤسسات) وكذلك فوج عسكري مطل على المدينة، بالإضافة لمطار القامشلي الدولي، بينما المساحة الأكبر من المدينة تُسيطر عليها "قسد".

بحسب مصادر من التحالف الدولي، فإن المدينة حيدت من القصف التركي بعد أيام من بدء العملية العسكرية التركية في شمالي سوريا، واستبعدت المدينة من خريطة الدوريات المشتركة بحسب اتفاقية سوتشي بين الرئيسين بوتين وأردوغان.

لماذا القامشلي؟

كثيرة هي المدن في الشمال السوري التي تتواجد فيها القوات الأمريكية، ونفس الأمر بالنسبة للقوات الروسية لكن المدينة الوحيدة التي تتواجد فيها قواعد عسكرية للقوتين هي القامشلي مما دفعنا للتساؤل عن السبب وراء ذلك.

الكاتب الصحفي آلان حسن، والذي ينحدر من نفس المدينة يتحدث عن عدة عوامل تشجع كل طرف للسيطرة على المدينة ويكون ذلك بمثابة نقطة مكتسبة على حساب الطرف الآخر. وبحسب "حسن" فإن تلك العوامل هي "رمزية المدينة من حيث وجود طيف واسع من مكونات الشعب السوري العرقية والدينية والطائفية، ووجود الحكومة السورية، وكذلك الأجهزة الأمنية، وأيضاً مطار القامشلي الدولي، كما إن موقعها بمحاذاة الحدود التركية مع مدينة نصيبين التركية تشكل أهمية رمزية لها، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي القريب من مناطق النفط".

(مسن يمشي على طرف الشارع الرئيسي وسط القامشلي، تصوير: هوشنك حسن، شباط/ فبراير 2020. خاص حكاية ما انحكت)

أما الدكتور عمرو الديب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "نيجني نوفغورود" الروسية تحدث لـ "حكاية ما انحكت" من موسكو، بأن  القامشلي "لها أهمية كبيرة بسبب وجودها في منطقة غنية بالنفط، ولها أهمية زراعية كبيرة، وتأتي مسألة الصراع الروسي الأمريكي عليها في إطار الصراع الكبير بينهما في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى".

من جهتها، فإن الكاتبة الصحفية هديل عويس من واشنطن تشير إلى أهمية وحيوية المدينة لكلا الطرفين، وتصفها بأهم الأراضي التي تسعى موسكو لإخراج واشنطن منها، حيث تقول لـ "حكاية ما انحكت": "إحدى أهداف أمريكا من البقاء في شمال سوريا هو منع النظام وروسيا من إطباق السيطرة الكاملة عليها"، وتضيف بأن قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا جلب له انتقادات كثيرة، لذلك يحاول الإبقاء على المساحات المتبقية من المناطق تحت نفوذ قواته، خاصة أن أمريكا مقبلة على انتخابات رئاسية نهاية هذا العام.

حرب عالمية في المدينة الصغيرة

وجود القوتين في المنطقة لا يعني السلام كما يتأمل سكان الشمال السوري، حيث الحرب الكلامية بين الجنود الروس والأمريكيين باتت مشهداً شبه يومي، والتي بدأت صباح السبت، الثامن عشر من كانون الثاني/ ينايرللعام الحالي، حينما اعترضت القوات الأميركية دورية تابعة للشرطة العسكرية الروسية كانت متوجهة إلى معبر سيمالكا الحدودي ما بين إقليم كردستان العراق، وشمالي سوريا، ولا تزال حوادث الاعتراض تتكرر إلى اليوم.

كذلك، فقد تشاجر جنود أمريكيين وروس في  كانون الأول ديسمبر عام 2019 بالأيادي بالقرب من بلدة تل تمر غرب القامشلي على الطريق الدولي M4، بعد اعتراض الجنود الأمريكيين للدورية الروسية.

(قوات أمريكية تنسحب من مدينة القامشلي بعد قرار ترامب، تصوير هوشنك حسن، تشرين الأول/ اكتوبر 2019. خاص حكاية ما انحكت)

في الثاني عشر من شباط/ فبراير قتلت القوات الأميركية موالياً للحكومة السورية في قرية خربة عمو في ريف القامشلي، بعد اعتراض أهالي القرية الموالين للحكومة على مرور الدورية الأميركية داخل القرية. والجدير بالذكر أن عدد كبير منهم متطوعون ضمن صفوف ميليشيات تدعمها الحكومة السورية. وانتشرت مقاطع مصورة في وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيه جنود روس يطالبون أهالي القرية بمقاومة الجنود الأمريكيين ليهتفوا بعدها بـ "لا لأمريكا، تحيا روسيا".

الانسحاب الأمريكي يخلط أوراق مكونات شمال سوريا

28 كانون الأول 2018
شكّل قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القاضي بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، مفاجأة لحلفائه قبل خصومه، وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تأسيس التحالف الدولي ضد داعش، وبالاعتماد...

وحول ما جرى في قرية "خربة عمو" يقول الصحفي الكردي هوكر نجار، الذي يتابع هذه المناوشات عن قرب، إن " قوات النظام السوري دعمت مليشيات الدفاع الوطني وأبناء القرية للوقوف بوجه الدورية الأمريكية، حيث عمد بعض عناصر تلك المليشيات إلى ارتداء اللباس المدني ليظهروا برائتهم، وأطلقوا الرصاص الحي على الدورية بمرأى من القوات الروسية والسورية"، وعن الهدف من ذلك يضيف نجار " تسعى كل من روسيا والنظام إلى إخراج القوات الأمريكية من الأراضي السورية، لبسط سيطرتهما على المنطقة بالكامل".

وبحسب الصحفي الكردي أن القوات الروسية تحاول بناء قوة تابعة لها من أبناء منطقة الجزيرة "هدفها استهداف القوات الأمريكية".

ونشر التحالف الدولي حينها بياناً قالت فيه بأن قواتهم تعرضوا لإطلاق نار، ليقوم جنود التحالف بعدها بالدفاع عن أنفسهم والرد على مصادر إطلاق النار.

هل من تصادم وشيك؟

بالحديث عن إمكانية التصادم الأمريكي الروسي يقودنا التاريخ إلى عشية السابع عشر من شباط/ فبراير من العام 2018 عندما حاولت مجموعات تابعة لشركة "فاغنر" التي تجند مقاتلين وترسلهم إلى أماكن مختلفة من العالم، التقدم إلى مناطق خاضعة للنفوذ الأمريكي شرق نهر الفرات، في محاولة للسيطرة على حقل "كونيكو" النفطي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. إلا أن المقاتلات والمدفعية الأمريكية قتلت أكثر من 300 عنصر منهم.

المصدر المطلع على عمل القوات الأمريكية أكد وقوع العديد من الحوادث التي كانت من الممكن أن تؤدي الى تصادم عسكري غير محسوب العواقب بين القوات الأمريكية والروسية في شمالي سوريا، ويستذكر العام 2017 حينما اخترقت مقاتلة روسية أجواء النفوذ الأمريكية شرق نهر الفرات، والتي كانت تساند حينها قوات سوريا الديمقراطية في معركتها ضد تنظيم داعش بمدينة الطبقة.

(عناصر من الشرطة العسكرية الروسية داخل الثكنة العسكرية الروسية في مطار القامشلي، تصوير: هوشنك حسن، 4 آذار/ مارس ٢٠٢٠. خاص حكاية ما انحكت)

يقول المصدر لحكاية ما انحكت: "حينها اتصل القائد المسؤول عن القوات الأمريكية بمركز التنسيق الروسي طالباً سحب مقاتلتهم، لكن الطرف الروسي قابل الطلب بالرفض، لتبدأ بعدها قوات التحالف استعداداتها لإسقاط تلك الطائرة، ولحرب كبيرة، وتأهبت القوات الأمريكية في عدد من الدول القريبة مثل الكويت، لمساندة رفاقهم في النسخة الثالثة من الحرب العالمية، وذلك بعد الحصول على التفويض من القيادة" يضيف المصدر "لكن الاتصال الحاسم القادم من موسكو حال دون إسقاط تلك المقاتلة، والذي كان فحواه الاعتذار والإخبار بسحب المقاتلة فوراً".

للمنتصرين الأنقاض.. تحديات روسيا في إعادة إعمار سوريا

28 آب 2017
تعمل روسيا على أن يكون لها الحصة الأكبر في سورية، ليس على الصعيد العسكري والسياسي فحسب، بل أيضا على الصعيد الاقتصادي وتحديدا في ملف إعادة الإعمار. إلا أنّ دون هذا...

الشاعر السرياني، حنا صومي، والمتواجد في وسط مدينة القامشلي، يعلق على الموضوع قائلاً: "الصراع الأمريكي - الروسي من أجل النفط والغاز وكافة الموارد الموجودة في المنطقة" ويضيف "لا نقبل لا الروسي ولا الأمريكي بل نريد سوريا حرة ومحررة"، لكن الشاب باسل عبدي لا يخفي مخاوفه من نشوب صراع عالمي في مدينته، ويتأمل أن يحل هذا الصراع عبر تفاهم دولي، ويميل باسل إلى الطرف الأمريكي كونه ساعد في "طرد داعش من المنطقة" بحسب قوله.

دلوڤان السيد وهو من سكان القامشلي، يطالب برحيل الأثنين بقوله "روسيا باعتنا في عفرين، وأمريكا باعتنا في سري كانيه/ رأس العين، فليرحلوا من لا يهمهم غير مصالحهم" ويكمل مسيره ضمن سوق شعبي وسط المدينة.

دبلوماسية ولكن؟

حول إمكانية التصعيد بين القوات الأمريكية والروسية في سوريا، وخاصة في القسم الشمال الشرقي منها، التقت حكاية ما انحكت مع المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي الكولونيل، مايلز كيكينز، في إحدى القواعد الأميركية في مدينة الرميلان بشمال سوريا، وعبّر الكولونيل عن مخاوفهم من الحوادث المتكررة مع القوات الروسية، وأشار إلى أن قنوات اتصال لخفض التصعيد موجودة بينهم وبين الروس ويتم التباحث حول هذه الأمور عبرها.

وعن احتمالية نشوب اشتباك مفاجئ علق: "نحن نقوم بتنظيم تحركاتنا في الأرض والسماء مع قوات محلية (في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية) ونركز جهوداً لمنع حدوث أي تصعيد أو مواجهات فجائية".

(مدرعة تابعة للشرطة العسكرية الروسية داخل الثكنة العسكرية الروسية في مطار القامشلي، تصوير هوشنك حسن، 4 آذار/ مارس 2020. خاص حكاية ما انحكت)

وكان ضابطاً أميركياً، يتواجد في شمالي سوريا، قد تحدث قبل فترة لوسائل إعلام محلية عن وجود تفويض لديهم باستخدام القوة في حال تعرضهم لهجوم من أي جهة كانت، بما فيها روسيا.

وأضاف مايلز، في تصريح آخر لـ"حكاية ما انحكت" بإنه تم تشكيل آلية لمنع الاشتباك مع القوات الروسية، خاصة فيما يتعلق بالطريق الدوليM4، وأشار إلى تبادل رسائل إلكترونية ومكالمات هاتفية مع الطرف الروسي لعدم وقوع "أخطاء".

"قسد" تحاول عدم فقدان التوازن

قسد وشباب المعارضة السورية

20 حزيران 2019
لماذا ينضم بعض مقاتلي المعارضة السورية إلى صفوف قسد؟ أية أسباب وأهداف؟ وما أثر ذلك؟ وبالمقابل، مالذي تفعله قسد قد تتمكن من جذبهم؟ وإلام ترمي؟ هنا تحقيق لمراسلنا في ريف...

العامل المشترك بين الوجود الأميركي والروسي في مناطق شرق الفرات هو التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، كلّ على حدة. الناطق الرسمي لقسد كينو غابرييل، قال في تصريح خاص لـ حكاية ما انحكت: "تنسيقنا مع التحالف الدولي مستمر ضمن إطار الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، أما التنسيق مع الجانب الروسي فيركز على مواجهة التهديدات التركية وتحقيق آلية أمن الحدود".

وعن احتمالية التصادم بين الطرفين، يقول غابرييل: "قواتنا لديها الإمكانيات الكافية والخبرة اللازمة لتحقيق التوازن في التنسيق معهما" في إشارة الى قوات التحالف الدولي والقوات الروسية.

وشهد السكان المحليون في شمال سوريا ولعدة مرات أثناء اعتراض القوات الأمريكية مرور عربات عسكرية للشرطة العسكرية الروسية تدخل مقاتلين من قسد وإنهاء الجدل، ولكن بشكل مؤقت.

الحكومة السورية: سنُصعد ضد "الاحتلال" الأمريكي

حاولت حكاية ما انحكت التواصل مع أحد المسؤولين في الحكومة السورية للتعليق حول موضوع وجود قوات مختلفة على الأراضي السورية. وبعد أيام وافق مصدر عسكري يتواجد في مدينة الحسكة التحدث لنا شريطة عدم الكشف عن اسمه ومنصبه.

المصدر تحدث عن وجود القوات الروسية ووصفه بـ "الشرعي" كون تلك القوات أتت بطلب رسمي من الحكومة السورية، وأشار بأنهم سيقدمون كامل الدعم لإنجاز المهمة المكلفة بها.

وكانت القوات الروسية قد تدخلت رسمياً في الحرب السورية في أيلول/ سبتمبر من العام 2015 وحينها كانت القوات الحكومية لا تسيطر إلا على ثلث الأراضي السورية فقط.

(جنود من الجيش السوري في مدخل المربع الأمني، الذي يمنع التصوير بالقرب منه، تصوير: هوشنك حسن. تاريخ 18 شباط/ فبراير 2020. خاص حكاية ما انحكت)

أما بالنسبة للوجود الأمريكي فقد وصفه المصدر بـ "الاحتلال" كونه لم يأتِ بطلب من الحكومة السورية، وأضاف المصدر بأنهم "يدعمون مؤخراً تشكيل مقاومة شعبية لطرد المحتل الأمريكي والتركي".

وكان مسلحون مما يسمى "الدفاع الوطني" المدعوم من الحكومة السورية قد شاركوا في اعتراض الدورية الأمريكية في قرية خربة عمو بريف القامشلي، وأطلقوا النيران على الدورية.

(جندي من الجيش السوري إلى جانب مدرعة روسية داخل الثكنة العسكرية الروسية في مطار القامشلي، تصوير هوشنك حسن. تاريخ 4 آذار/ مارس 2020. خاص حكاية ما انحكت)

وفي نهاية حديثه أشار المصدر بأن "الجيش العربي السوري" لديه قرار بالتوجه الى كافة المناطق السورية ورفع العلم السوري عليها.

"أمريكا خائنة"

بعد محاولات عديدة وانتظار لأيام استطاعت "حكاية ما انحكت" الوصول إلى مسؤول روسي يُشرف على قوات بلاده في شمالي سوريا، حيث يتجنبون عادةً التحدث إلى وسائل الإعلام، والتقت بالجنرال أليكسي أناتولي قائد القوات الروسية في منطقة شرق الفرات.

"إن لم يُعجبك الوضع، ارجع إلى بلدك"

27 نيسان 2020
"الخطاب النيوليبرالي السائد بين العديد من المهاجرين واللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، خاصة من أبناء الطبقة الوسطى وميسوري الحال كما لاحظته خلال بحثي الميداني ومقابلاتي التي أجريتها لأطروحتي الدكتوراه، يتملّص...

تعابير وجه الجنرال التي تغيرت أثناء الحديث عن وجود القوات الأمريكية تكشف الامتعاض الروسي من هذا الوجود، وهو ما لم يخفيه الجنرال في حديثه حيث قال "أمريكا هي سبب عدم الاستقرار في المنطقة، وهي سبب الأزمة في سوريا". واتهم القوات الأميركية بخيانة الشعب السوري في إشارة إلى ما وصفه بـ"الضوء الأخضر" الأمريكي لـ تركيا للدخول إلى منطقتي سري كانييه وتل أبيض.

عن الحوادث المتكررة و"الملاسنات" الحاصلة أكد الجنرال الروسي بأن جميعها حُلت عبر الطرق الدبلوماسية وأضاف "أنا شخصياً لم ولن أتحدث معهم أبداً"، بينما رفض الإجابة عن احتمالية التصادم العسكري وردهم على ذلك.

مخاوف كـ البورصة

مع تكرار هذه الحوادث يتخوف السكان المحليين من نشوب حرب عالمية بين الطرفين على أرضهم ويكونوا هم ضحاياها، حيث تقول السيدة ليلى أحمد (37 سنة)، والتي تعمل ضمن محل لبيع الألبسة "الحوادث المتكررة تبعث على الخوف من نشوب معركة بين الطرفين، خاصة إذا ما لا سمح الله وجرت لن تكون كما المعارك التي تعودناها، كون هذه ستكون بين قوتين عالميتين" لكنها ترى إيجابية في وجود الطرفين لسد الطريق أمام تركيا لدخول القامشلي، كما تقول.

(مقهى شعبي وسط سوق القامشلي، تصوير هوشنك حسن. 17 شباط/ فبراير 2020. خاص حكاية ما انحكت)

بينما تصف الشابة شهد مجول مشهد الملاسنات بين الطرفين، كـ " الجدل بين أطفال الحارة"، وتضيف " كنا نعتقد إنهم عقلاء"، وتتخوف الشابة من صراع بينهما وتقول "سيجرفنا الطوفان".

"محدا جاي كرمالنا، الكل عم يدور ع مصلحتو، الله يجيرنا من الآخرة" هكذا يلخص الحاج أمين الجالس قرب المدفأة، رأيه في وجود القوات الأجنبية داخل مدينته، وهو ينفث دخان سيجارته.

مقالات متعلقة

نادي الجهاد... نادٍ برتبة مدينة

10 آذار 2019
ارتبط نادي الجهاد في مدينة القامشلي بتاريخ المدينة وصراعاتها ونسيجها الاجتماعي، حتى بات أحد وجوهها، فتاريخه انعكاس وصدى لتحولات المدينة والمجتمع، فما هو هذا التاريخ؟ وما هو حال النادي اليوم...
لا استسلام أمام كورنا.. الصراع من أجل لقمة الخبز

07 أيار 2020
حكاية تروي تفاصيل كفاح ونضال منيرة يوسف من مدينة القامشلي مع الحياة وصعوباتها في بلد الحرب منذ أعوام. هذه الحرب التي دمرت الكثير، ومنها إرادات الناس قبل أن تحطم حيواتهم....
الصحافة في روجافا (1)

29 آذار 2019
تتناول هذه السلسلة المكونة من أربعة أجزاء، والتي يكتبها الباحثان والأكاديميان، الإيطالي أنريكو دي إنجليس، والسوري يزن بدران، بيئة الإعلام في شمال شرق سوريا. وستركز المقالات الثلاث الأولى على تحليل...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد