دير الزور، بين حصار داعش وقصف النظام


04 تموز 2016

اشتُهرت دير الزور منذ القدم بأنها مدينة الكرَم، فتقاليد أبناء المدينة تحتم عليهم استضافة الغرباء والاحتفاء بهم، إلا أن بعض الغرباء قاموا باستباحة المدينة وتجويعها وقصفها خلال الثورة السورية، بسبب  انتفاضها بوجه النظام، فمنذ شهر حزيران 2012، تمت مهاجمة المدينة من قبل قوات الأمن التي انتهجت طريقة القصف والقنص لإخضاع الثوار، وفي عام 2014، بدأ الصراع بين تنظيمي"جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين للسيطرة على دير الزور، في حين استمرت ميليشيات النظام بالقصف محاولة دخول المدينة ذات الأهمية البالغة، فهي تقع قريبة من الحدود بين سوريا والعراق، إضافة إلى احتوائها على آبار غنية بالنفط، وبجانبها عدة معامل للغاز، منها معمل كونيكو الذي يقع إلى الشمال الشرقي من دير الزور.

https://www.youtube.com/watch?v=GCn9nam-jYI

منذ بدايات عام 2015 وحتى اليوم، يتم حصار القسم الأكبر من المدينة؛ والذي يقع تحت سيطرة النظام؛ من قبل تنظيم داعش، ويشمل هذا القسم أحياء (الجورة، القصور، هرابيش)، وقد صرح أمجد العقبان، ناشط من دير الزور، لـ (حكاية ما انحكت) عن الحصار بقوله " يوجد أكثر من ربع مليون مدني داخل تلك الأحياء".

في الأشهر الأخيرة، ازدادت عمليات قصف المدينة والقرى المحيطة بها بالطيران الروسي، وكان أكثرها دموية قصف قرية القوريَّة في 25/06/2016، والذي أوقع ثمانين ضحية بينهم خمسة وعشرون طفلاً، يترافق هذا القصف مع حصار الأحياء بشكل كامل، ويُعاني المحاصرون من أوضاع إنسانية صعبة للغاية، يضيف أمجد  "المواد الغذائية إذا لم تكن مفقودة فهي شبه مفقودة وإن وجدت فهي بأسعار خيالية جداً، النظام يقوم بين كل فترة والأخرى بإلقاء عدد من الشحنات الغذائية على الأحياء المحاصرة عبر طيران الشحن الليوشن ، فيقوم الجنود باستلام تلك الشحنات ويوزعونها على عناصره وشبيحته، وما تبقى يقومون ببيعه للمدنيين بأسعار مرتفعة للغاية".

جانب من مجزرة القورية، صورة عامَّة.
جانب من مجزرة القورية، صورة عامَّة.

يُعد هذا التعذيب المعيشي انتقاماً من الأهالي الذين خرجوا ضد النظام في وقت مبكر من الثورة، من جانب آخر، يقوم تنظيم داعش بالانتقام على طريقته، فبالإضافة إلى الحصار، يستمر بإعماله الإجرامية، والتي كان آخرها قتل خمسة إعلاميين كانوا يعملون في دير الزور منذ بداية الثورة، قتلهم التنظيم بطريقة بالغة الوحشية، وقد بث ذلك عبر فيديو بعنوان وحي الشيطان، وبالإضافة إلى الترهيب بالذبح فإن الترهيب بالتجويع يُعد من أسلحة التنظيم الأكثر استخداماً، أما بالنسبة إلى المواد الخدمية فيؤكد أمجد لـ (حكاية ما انحكت) أنه "يتم تزويد الأحياء بالمياه كل يومين عدة ساعات ، والمياه تكاد تكون ملوثة حيث تظهر الأتربة وبعض الأوساخ فيها فيضطر الأهالي إلى شراء الماء من الصهاريج، أما عن الكهرباء فهي غير موجودة منذ تاريخ 25/3/2015، والأدوية فهي غير متوفرة ، حيث يقوم بعض التجار باستغلال الوضع فيقومون بجلب الأدوية وبيعها لبعض الصيدليات المتبقية في أحياء المدينة بأسعار خيالية".

دير الزور، جانب من حي الجورة، صورة عامة.
دير الزور، جانب من حي الجورة، صورة عامة.

لكن كيف يستطيع التجار إدخال الأدوية إلى هذه الأحياء المحاصرة؟، يعلق أمجد "يوجد مخارج غير نظامية "تهريب" وذلك عن طريق مهربين يقومون بشراء الطريق من عناصر النظام المنتشرين في محيط الأحياء، ولكن طريقة خطرة جداً، لأن النظام يقوم بإطلاق النار على العوائل بعد أن يمنحهم الأمان، كما أن النظام أصبح يعطي موافقات أمنية للخروج من الأحياء المحاصرة، حيث قام بتوظيف سماسرة لبيع الموافقات الأمنية على الخروج، مع منع خروج الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة عشر وخمسة وأربعين عاماً".

https://www.youtube.com/watch?v=9Y_CdumSgGY

يُذكر أنه منذ عام 2012، نزح مئات ألوف المدنيين من دير الزور إلى مدن سورية أخرى، أو لجأوا إلى تركيا، حيث يعيش كثير منهم في المخيمات، ويعانون من ظروف معيشية صعبة، وقد خرجت آخر دفعة منهم بشكل جماعي في حزيران 2016 باتجاه مدينة الحسكة في الشمال السوري، وكانت تضم عشرات العائلات الهاربة من تنظيم داعش، إلا أن قوات الحماية الكردية منعتهم من دخول المدينة، واحتجزتهم في إحدى المخيمات القريبة.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد