رمضان لن يحضر في حي الوعر


06 حزيران 2016

لن يُفطر المدنيون في حي الوعر، ولن يتسحروا أيضاً، فهم شبه صائمين منذ العاشر من آذار 2016، إثر انتهاء الهدنة بين ميليشات النظام وقوات المعارضة.

عام 2014، وقَّع الطرفان المتحاربان على وقف لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وقد نجح الأمر، وكان تمهيداً لبدء مفاوضات طويلة الأمد انتهت بتوقيع الهدنة التي نصت على خروج مَن يريد من المدنيين أو المسلحين، وتسهيل عمل الهيئات الإغاثية، أما رمضان هذا العام فيأتي مع خرق لهذه الهدنة، وقصف شبه يومي بقذائف هاون وصواريخ أرض أرض يتم إطلاقها من الكلية الحربية والحواجز المحيطة، إضافة إلى حصار كامل يدخل شهره الثالث.

أنفوغرافيك يوضح معاناة أهالي الوعر عام 2015، المصدر: صفحة أهالي الوعر الجديد، فيسبوك.
أنفوغرافيك يوضح معاناة أهالي الوعر، المصدر: صفحة أهالي الوعر الجديد، فيسبوك.

يقول الناشط فخر شلب الشام، والذي يقيم في الحي لـ (حكاية ما انحكت) إن "النظام اعتقل لجنة التفاوض في الوعر بتاريخ 30/05/2016، وذلك بعد أن دعاها عناصر الأمن الموكَّلون بالمفاوضات إلى اجتماع في الفرن الآلي الواقع عند إحدى أطراف الحي، وعندما لم تنجح المفاوضات تم اعتقال اللجنة وتحويل أفراد إلى فرع أمن الدولة، ثم أفرج عنهم لاحقاً، ما أدَّى إلى انعدام الثقة بشكل كامل في الجنود المتواجدين على الحواجز، والذين يمنعون المدنيين أصلاً من الخروج، لكن بعد اعتقال اللجنة لم يعد أحد يجرؤ حتى على الاقتراب منهم".

بعد نفاد مادة الطحين، يصنع أبناء الوعر الخبز من العدس والبرغل المطحون، علماً أن "مادة الرز قد نفذت بشكل كامل، أما كيلو البرغل فوصل سعره إلى 1500 ليرة"، كما أضاف فخر لـ (حكاية ما انحكت)، و"الناس يعتمدون لسد رمقهم على النباتات التي يزرعوها في الحدائق، مثل النعناع والقرنبيط والبقدونس والجرجير، وعلى الأعشاب التي يسلقونها بعد أن يوقدوا النار من الحطب، فقد نفدت جميع المحروقات من الحي"، أما التيار الكهربائي فإنه ينقطع ثلاثاً وعشرين ساعة يومياً.

لوغو حملة "الوعر يموت جوعاً"، صورة عامة.
لوغو حملة "الوعر يموت جوعاً"، صورة عامة.

لا يميز أبناء الوعر بين صوت مدفع الإفطار وأصوات القذائف، كما لا يميزون بين وقت الصيام ووقت الطعام، وقد شهد الحي عدة حالات إغماء سببها نقص التغذية، ويتم إسعاف المصابين عبر رش الماء على وجوههم، أما المحلات التجارية فقد أصبحت خالية تماماً من البضائع، تقول السيدة آلاء الجندي والتي نزحت قبل عامين بعد أن دُمر بيتها في حي الخالدية إلى الوعر لـ (حكاية ما انحكت) "خلال السنوات الماضية، كنا نفتقد إلى الطقوس الرمضانية بسبب ظروف الحرب، مثل مشروبات السوس والتمر الهندي وقمر الدين والذهاب إلى صلاة التراويح مساءً، أما هذا العام فإننا نفتقد إلى كل شيء حتى قبل أن يأتي رمضان"، وتضيف "لدي طفلان واحد في العاشرة والثاني في الثامنة، يعانيان من نقص شديد في الوزن وشحوب في الوجه، وليس لدي شيء أقدمه لهما سوى وجبات البرغل التي نقتصد فيها خوفاً من أن تنفد".

https://www.youtube.com/watch?v=oriGmj_EE2Y

يحوي الوعر الواقع غرب مدينة حمص عدة أبراج سكنية يتراوح ارتفاعها بين 9 و13 طابقاً، لكن هذه الأبراج أصبحت مهملة، فقد لجأ جميع السكان إلى الطوابق الأرضية أو الأقبية ليحتموا من القصف منذ أن عاد التصعيد العسكري في بداية شهر أيار الماضي، مع ذلك، أفضى التصعيد إلى وقوع عدد من الإصابات والضحايا، فقد سقط سبعة مدنيين في 30/05/2016 خلال قصف الحي بأسطوانات الأوكسجين وقذائف الهاون.

https://www.youtube.com/watch?v=3hXaoRiIo-E

جاء قرار تجميد الهدنة في العاشر من آذار الماضي بعد خلاف بين لجنة المفاوضات وقوات النظام حول بند إطلاق سراح المعتقلين، فقد اشترط الأخير على اللجنة أن تتخطى هذا البند لاستمرار الهدنة، الأمر الذي لم توافق عليه قوات المعارضة، وعلى الرغم من المناشدات الدولية والحملات الإعلامية لإنقاذ الوعر من كارثة إنسانية فإنه لم يتم فك الحصار حتى الآن، فقد سبق وأن أطلِقَت حملة بعنوان الوعر يموت جوعاً، تطالب المجتمع الدولي بإنقاذ مئة ألف مدني يعانون من نفاد الأدوية والمواد الغذائية، إلا أن هذه المناشدات لم تلقَ استجابة حتى اليوم.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد