مجهولون يضرمون النار في إذاعة ARTA


04 أيار 2016

استنكرت منظمات دولية ومحلية، كما استنكر سياسيون وصحافيون وناشطون سوريون وكرد، إضرام مجهولين النار، بتاريخ 26إبريل/ نيسان، في مبنى إذاعة "آرتا إف أم"، وإحراق الإذاعة، في مدينة "عامودا" بريف الحسكة.

وتعرضت مبنى الإذاعة، في تلك الليلة، لحريق نفذه ملثمون، التهم غرفة البث والاستديو، بعد أن هدد الرجال المسلحون، "صفقان" المدير التنفيذي لإذاعة "آرتا إف أم"، بالقتل، في حال لم تتوقف المحطة عن البث.

ونقل الملثمون المدير إلى مقبرة المدينة ليلاً، حيث كانوا ينتظرونه أمام منزله، أثناء عودته من الإذاعة، ليقوموا بربطه بعد أخذه للإذاعة، وأيضاً ربط حارسين في المبنى، قبل إحراق المبنى، على حد وصف المسؤولين في الإذاعة.

ولم ينتج عن الحريق أضرارا بشرية. فيما تعرض المبنى والمعدات بداخل المبنى للحريق والنهب لبعض الأجهزة من قبل المجهولين الذين لاذوا بالفرار، كما أفاد المسؤولون في الإذاعة.

برغم الأضرار الناجمة والتهديد، يواصل الراديو بث برامجه عبر القمر الصناعي "نايل سات"، كما تنشر الإذاعة موادها القادمة من مكاتبها في المناطق الأخرى، عبر صفحتها على "الفايس بوك". وذكرت الإذاعة في بيان لها بتاريخ 26 إبريل/ نيسان 2016، أن استمرار بث الإذاعة في منطقة "الجزيرة" يتوقف على كشف وملاحقة "المجموعة المجرمة"، وضمان وسلامة فريق الإذاعة. وأضافت، أن الجهات المختصة في مقاطعة الجزيرة تتابع الموضوع، "نحن نثق بالجهود التي تبذل في سبيل كشف الحقيقة والمتورطين في الجريمة".

وكان مدير الإذاعة "سيروان حاج بركو"، تقدم بشكوى إلى الشرطة المحلية "الأسايش"، لفتح تحقيق في الحادثة. برغم أن "بركو" كان فور نشر خبر الحريق قد اتهم مجموعة مسلحة تتبع "الإدارة الذاتية الديمقراطية" بإحراق مبنى الإذاعة، كتب ذلك على صفحته الشخصية على الفايس بوك. فيما لم يتهم بيان الإذاعة الصادر بعدها بشكل مباشر السلطات المسؤولة في المنطقة.

وتخضع أجزاء كبيرة في محافظة الحسكة لسلطة "الإدارة الذاتية الديمقراطية". واعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيانها، أن المنطقة تشهد انتهاكات مستمرة بحق الصحفيين، من اعتقالات وتهديدات ترتكبها "قوات الأمن الكردية"، بالإضافة لرقابة إعلامية تمارسها السلطات المحلية، على حد وصف المنظمة.

من جهته، أصدر "حزب الاتحاد الديمقراطي"، أحد الأحزاب الرئيسية الذي له سيطرة على المنطقة، في 27 إبريل/ نيسان بياناً، أدان الهجوم على الإذاعة، وطالب البيان بفتح تحقيق على الفور. وبحسب مدير الإذاعة، فإن مصدر الدعم الأساسي يأتيها من المنظمات الدولية، في خضم الضغوط المحلية التي تواجهها.

من جانبها، أصدرت شعبة مكافحة الجريمة المنظمة في "أسايش روج آفا" بياناً عن نتائج التحقيق في ملابسات الحادثة. وجاء في البيان، أن "شعبة مكافحة الجريمة المنظمة"، توصلت بعد البحث والتحري الدقيق إلى عدّة أشخاص، تم توقيفهم، "وأشارت التحقيقات الأولية إلى تورطهم في الحادث، بينما مازالت التحقيقات جارية حتى اللحظة، لمعرفة كل من له يد في الهجوم".

واستنكرت منظمات دولية الحادثة. ففي بيان منظمة "مراسلون بلا حدود"، وصفت الحادثة بالهجوم المسلح من قبل مجهولين على الإذاعة، وطالبت المنظمة السلطات المحلية بفتح تحقيق مستقل ونزيه لتقديم الجناة إلى العدالة. حيث قالت "ألكسندرا الخازن" مديرة مكتب الشرق الأوسط في المنظمة، "أن مسؤولية حماية عمل الصحفيين تقع على عاتق السلطات المحلية".

بيان السفارة الأمريكية في دمشق، أدان بشدّة الاعتداء على ما وصفته اعتداءً على مركز إذاعة "آرتا إف أم" وإضرام النار فيه. وذكر البيان أن الهدف من الهجوم هو اسكات حرية الصحافة في شمال شرق سوريا. "إذا نقترب من اليوم العالمي لحرية الصحافة، نعرب عن إشادتنا ودعمنا لجميع الصحفيين السوريين الشجعان، الذين يخاطرون بحياتهم يومياً من أجل نقل أخبار سوريا، وكشف داعش ووحشية النظام".

أيضاً أدان الاتحاد العالمي للإذاعات المجتمعية "AMARC" ولجنة حماية الصحفيين "CPJ"، الهجوم الذي تعرضت له الإذاعة. وأدانت رابطة الكتاب السوريين الهجوم على الإذاعة التي تبث بثلاث لغات العربية والكردية والسريانية، بينما تبث الإذاعة باللغة الأرمنية أيضاً. ووصفت رابطة الكتاب العمل بالإرهابي الثلاثي، المتضمن الخطف والحرق والتهديد بالقتل. بينما اعتبر اتحاد الكتاب الكرد أن ما حصل عمل غير إنساني وجبان.

وتبث الإذاعة منذ ثلاثة أعوام في المناطق الكردية 15 ساعةً في اليوم، حيث تعرضت الإذاعة في بدايات تأسيسها لمضايقات، كما تتعرض أحياناً للإساءة أو التهديد غير المباشر، بسبب استخدامها مصطلحات معيارية في المجال الإعلامي، لكنها لا ترتقي إلى مستوى فهم غالبية المجتمع، حيث يعتبر الأهالي أن استخدام مصطلحي "قتل- فقد حياته" بدل مصطلح "شهيد" بالنسبة لهم إهانة بحق من قضوا بحياتهم، دون دراية بالمعايير والمهنية الإعلامية.

وتضم الإذاعة التي حصلت في وقت سابق أساساً على رخصة للعمل من قبل "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، أكثر من 75 موظفاً موزعين في محافظة الحسكة، وكوباني، وهي إذاعة مستقلة ومدعومة بحسب المدير، من قبل مؤسسات دولية غير ربحية.

وتشهد الإذاعة حملة دعم من قبل مستمعيها، الذين يرسلون صوراً وأوراق تكتب عليها عبارات تدعم استمرار الإذاعة من مختلف المدن السورية والعربية والعالمية، وقال "محمد نور الحسيني"، وهو أحد المتابعين للإذاعة لـ"حكاية ما انحكت" و"شبكة الصحفيات السوريات"، "الحملة التضامنية الواسعة مع الإذاعة، أثلجت صدورنا، وهي مؤشر واضح ودامغ على جذوة الخير الكامنة في النفوس، وعلى أن الناس باتت تتقزز من هذه الأساليب (المافيوزية) لإسكات الصوت الحر، فبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كل من آلمه الاعتداء الأثيم أشكر كل من أدان الجريمة، وأخص بالشكر أهلنا في الداخل على شجاعتهم في التنديد بالعمل المشين، والوقوف إلى جانب طاقم آرتا ومؤازرتهم. إننا لن نقبل مرة أخرى بالعودة إلى مستنقع عائلة الأسد أو من يسلك مسالكها في كتم الأنفاس".

وإذاعة "آرتا إف أم" إحدى الإذاعات المحلية التي ظهرت في الإعلام السوري الجديد، وتتخذ من مدينة "عامودا" مركزاً لها، وهي من المشاركين في إعداد ميثاق "شرف" للإعلاميين السوريين، كما تشارك في فعاليات إعلامية عدّة في الشأن السوري.

واعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، أن سوريا تقبع في المرتبة 177 من أصل 180 دولة، على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2016.

تنشر هذه المادة بالتعاون مع شبكة الصحفيات السوريات بمناسبة اليوم العالمي للصحافة

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد