مدرسة شهداء العسالي


30 تشرين الثاني 2015

صبر درويش

كاتب وصحفي سوري. يكتب في عدد من الصحف العربية. من آخر أعماله تحرير كتاب "سوريا: تجربة المدن المحررة".

باشرت مدرسة شهداء العسالي عملها في مطلع عام 2013، متحدية ظروف الحصار والقصف العنيف، والمعارك الطاحنة التي كانت تدور في محيطها، وضمت أكثر من 300 تلميذ، توزعوا على مرحلتي التعليم الابتدائي (من صف الأول وحتى الخامس)، ومرحلة التعليم الإعدادي، (حتى الصف التاسع). وهو إنجاز يثير الدهشة، أصرّ القائمون عليه على إثبات وجهة نظرهم في إمكانية إضاءة شمعة رغم قسوة الظروف.

تتعرض منطقة جنوب العاصمة دمشق، لحصار شديد منذ نحو ثلاثة سنوات، كما أدى القصف المتواصل من قبل قوات الأسد على هذه المناطق الممتدة من مخيم اليرموك وحتى القدم والعسالي، مروراً بأحياء الحجر الأسود ويلدا وببيلا..، إلى نزوح المئات من الأسر المدنية، هرباً من الموت الذي حصد العشرات من الأرواح في أوساطهم، بينما من بقي منهم، فقد رزح تحت وطأة حصار شديد دفع بالعديد من الناشطين إلى الحديث عن مجاعة سرت في أوساط المدنيين جنوب دمشق.

طفل يتعلم الكتابة في المدرسة. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك
طفل يتعلم الكتابة في المدرسة. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك

وبحسب صفحة مدرسة "شهداء العسالي" على الفيسبوك، تم "افتتاح مدرسة في حي العسالي، رغم الظروف القاهرة، من حصار مستمر، منع إدخال الطعام والدواء إلى الحي، ورغم القصف المتواصل والدمار الذي لحق بالحي، وما كان افتتاح هذه المدرسة إلا محاولة من نشطاء حي العسالي، للحفاظ ما أمكن على إبقاء المدرسة والتعليم في وجدان الأطفال من ناحية، ومحاولة مراجعة الدروس لهم وفق إمكانياتنا البسيطة جداً من جهة ثانية".

وفعلياً، باشرت المدرسة استقبال التلاميذ في العام 2013، وتم الاتفاق مع مجموعة من المدرسين الذين قبلوا الانضمام تطوعاً إلى كوادر التعليم، وبحسب الاستاذ "براء" مدرس اللغة العربية للمرحلة الإعدادية في المدرسة "لحكاية ما انحكت": "ضمت المدرسة حوالي 300 تلميذ، وتم تأمين 24 مدرساً وإدارياً ومستخدماً، وأغلب المدرسين هم من أصحاب الاختصاصات، أو ممن يملكون خبرة في عملية التعليم".

أطفال المدرسة خلال فترة استراحة. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك
أطفال المدرسة خلال فترة استراحة. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك

تدرّس المدرسة المنهاج الرسمي السوري، وتستخدم الكتب المدرسية المطبوعة من قبل الدولة، حيث "تم اعتماد المنهاج الرسمي السوري، لأنه لا يوجد منهاج غيره، إلا أننا قمنا بحذف مادة التربية الوطنية (مادة القومية)، كما قمنا بحذف كل ما يتعلق بالنظام الحاكم في سوريا، وحزب البعث وأسرة الأسد، ولم نضف أي مادة إضافية إلى المنهاج"، كما يقول "براء" لحكاية ما انحكت.

تعمل مدرسة "شهداء العسالي" تحت مظلة الحكومة السورية المؤقتة التابعة لقوى المعارضة، ورغم ذلك، ورغم صعوبة الأوضاع في جنوب العاصمة دمشق، إلا أن الحكومة تعاملت بلامبالاة تجاه احتياجات المدرسة، وبحسب براء: "لم تقدم الحكومة أي دعم يذكر، باستثناء عام 2014، حيث قدمت مبلغ 100 دولار لكل مدرس وعامل في كوادر المدرسة عن العام الدراسي كله، وهو مبلغ زهيد، عدا عن أن باقي احتياجات المدرسة الأخرى كالمحروقات، ومصاريف مولدة الكهرباء، والقرطاسية.. وغيرها، لم تتكفل الحكومة المؤقتة بها على الاطلاق".

طفلة تحمل كتبها. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك
طفلة تحمل كتبها. المصدر: الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك

تعاني مدرسة "شهداء العسالي" من صعوبات مالية كبيرة، تهدد استمرارها، إلا أن إدارة المدرسة تمكنت من الحصول على بعض الدعم المادي من بعض المنظمات المدنية، حيث قامت منظمة "آرام" والتي تديرها السيدة "أم عمار"، بتوفير بعض الدعم للمدرسة، من مواد قرطاسية ومدخرات توليد الكهرباء (بطاريات كبيرة)، وغيرها من الأشياء الأخرى، إلا أن هذا الدعم بقي دون المستوى المطلوب.

إلى جانب العملية التعليمية، تقوم إدارة المدرسة بمزاولة نشاطات أخرى، تهدف إلى دعم العملية التعليمية في جنوب دمشق، وبحسب براء: "نسعى إلى إنشاء "مجمع تربوي" يضم العديد من المدارس في المنطقة ويهدف إلى تنظيم عمل التعليم ووضع مناهج جديدة وجعل عمل التعليم عمل مؤسساتي". وهو مشروع يبذل القائمون عليه الكثير من الجهود في ظل حالة الحرب الدائرة وما يرافقها عادة من فوضى، يسعى الناشطون إلى التقليل من آثارها السلبية، وتحديداً على الأطفال.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد