أنقذوا البقية: لا نريد طعاما، نريد الحرية


01 تموز 2015

"لانريد طعاماً ولا شرابا...نريد الحرية والعدالة ووقف المحاكمات و الأحكام التعسفية"

نداء وجهه المعتقلون في سجن حماه المركزي في يومهم الخامس من الإضراب المفتوح الذي بدأ صباح يوم الأربعاء في السابع عشر من شهر حزيران عام 2015، وشارك فيه ما يقارب 650 معتقلا، احتجاجا على الأحكام التعسفية التي صدرت بحقهم من قبل محكمة جنايات قضايا الإرهاب، مطلقين اسم "الموت البطيء" على اعتقالهم، وهو اسم على مسمى بحق.

لعل تسمية إضراب داخل أحد سجون النظام السوري بالموت البطيء لا يدعو للدهشة أبداً، لأنه رغم قساوته بالكاد يعبّر عن حالة المعتقل السوري الذي يموت كل يوم داخل حجرة صغيرة لا تتسع لنصف العدد الموضوع بها، و التي قد يخرج منها عدد قليل من المعتقلين أحياء. وإن خرجوا، فهم مصابون بأمراض و أوضاع نفسية لايمكن وصفها، فـ "بعد وصولي للفرع 215 وضعوني في مهجع مساحته 20 الى 6 أمتار وكان عدد المعتقلين قرابة 440 معتقلا وكنا نتناوب على النوم. وعند النوم ننام ونحن جالسين" حسب شهادة أدلى بها المعتقل "محمد مصطفى الدرويش" لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا، إذ تم اعتقاله على خلفية عمله في إغاثة النازحين في مناطق دمشق الجنوبية.

detainees-Voice1

ومع ذلك تختلف معاناة معتقل من مركز اعتقال الى آخر فحين يظن المعتقل بأنه في أسوأ أماكن الاعتقال قد يتم تحويله الى فرع أمني آخر أسوأ من قبله، ففي تقرير صدر عن مركز توثيق الانتهاكات في سوريا في سبتمبر عام 2013، موثقا انتهاكات الفرع 215. يخلص التقرير إلى أن الفرع مسؤول عن آلاف حالات القتل خارج نطاق القضاء نتيجة لأسباب مختلفة، بالإضافة الى أن التقرير يكشف عن مقبرتين يشتبه بدفن ضحايا الاعتقال فيها، حيث يتحدث "فجر" الذي تم اعتقاله خلال مظاهرة في ساحة المواساة عام 2012 : "كان هناك يوميا حوالي عشر معتقلين يتم وضعهم في الممر، ويتركون للقدر والموت البطيء، يتبولون في المكان نفسه ويقضون الحاجة في المكان نفسه عائمين على بحيرة من الدماء والقيح وشبه فاقدين للوعي، إلا أن عيونهم كانت مفتوحة ينظرون الى عيون من يستطيع المشي من المعتقلين، لربما يطلبون منهم إيصال هذه المعاناة إلى خارج المعتقل".

و بالرغم من تواجد المعتقل في مكان لا نور فيه، وتسكنه رائحة القذارة والموت، إلا أن تمسكه ببعض الأحلام البسيطة قد تهون عليه القليل من معاناته، و أحيانا تخرج من رحم المعاناة نفسها أحلام قد تبدو للبعض تافهة و مضحكة ولكنها أحلام حقيقية لمعتقلين فقدوا أبسط حقوقهم "حلمي إني فوت عالتواليت و اقعد براحتي و ماحدا يزعق فوق راسي".

أحلام المعتقلين نقلاً عن صفحة صوت المعتقلين
أحلام المعتقلين نقلاً عن صفحة صوت المعتقلين

ربما تكون المقاومة الوحيدة للمعتقل على الإذلال اليومي الذي يتعرض له بين جدران لا يستطيع اختراقها ولكنها قد توصل صوته، هي الاضراب والامتناع عن تناول الطعام، السلاح الوحيد الذي يستطيع فيه القول "كفى ذلاً، أنا انسان ولي كرامة".
وإضراب سجن حماه المركزي الذي انتهى بعد سبعة أيام، نظراً لوعود تلقاها المعتقلون من النظام السوري بدراسة وضعهم ليس الاضراب الأول، فقبله كان اعتصام في سجن حمص المركزي حين ضجت جدران السجن العالية بما صدحت به حناجر المعتقلين "بدنا نطلع بدنا نطلع" و "نحنا سوريين"، و إضراب المعتقلات في سجن عدرا بسبب الأحكام العرفية الجائرة الموجهة لهم في الأفرع الأمنية.

كل هذا ليقول المعتقل لسجانه "أنا لازلت حراً" وليقول بدوره للعالم: "نحن هنا لا تنسو وجودنا".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد