لن يسقط اليرموك: الفلسطيني الذي قام: حقا قام!


17 نيسان 2015

كأنما لا قاع لمأساة الفلسطينيين، فإذا كانت الشدائد تفرج في نهاية المطاف، يبدو أن العكس هو ما يحصل مع فلسطينيي سوريا الذين عاشوا نكبة وطنهم الأول عبر ذاكرة أبائهم، فإذا بهم يعيشون نكبتهم في حاضر لم يحمل لهم إلا العذاب، من سجن إلى قتل وحصار وتجويع..

وكأن كل هذا لم يكفي، فهاهي حلقة المأساة تكتمل بدخول داعش إلى مخيم اليرموك في الأول من نيسان 2015 بعد تواطؤ من جبهة النصرة، ليصبح المحاصرون بين فكي سكاكين داعش وطائرات النظام وأشباح الجوع الذي عبرت عنه إحدى لوحات الكاريكاتير بشكل مذهل، الأمر الذي دفع النشطاء والفنانين لإطلاق العديد من الحملات والفعاليات والرسومات والكاريكاتيرات لوضع قضية المخيم تحت الضوء سعيا لدفع الضمير العالمي نحو التحرك لإنقاذ اليرموك من براثن داعش والنظام في آن، جاعلين من وسائل التواصل الاجتماعي منصة لهم، حيث انطلق هاشتاغ حمل اسم "لن يسقط مخيم اليرموك"،  عبر فيه السوريون والفلسطينيون معا عن تعاطفهم مع ما يحصل هناك، سواء عبر التفجع على مآلات المخيم، إذ كتب أحمد سلامة: "هي هجرة أخرى/ فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما/ سَقَطَ السقوطُ/ وأنت تعلو/ فكرةً/ ويداً وشاما!"، في حين أصر "رشيد الهندي" على الصمود، إذ قال: "شبابنا ما بتسقط شبابنا بتستشهد. اليرموك ما بيسقط. اليرموك فكرة و الفكرة ما بتسقط." العالم كلو بيسقط " و الفكرة ما بتسقط". شبابنا آخر قلاعنا آخر وجودنا كونوا بخير و بس".

كاريكاتير تم تداوله بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي. المصدر: صفحة لن يسقط اليرموك على الفيسبوك
كاريكاتير تم تداوله بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي. المصدر: صفحة لن يسقط اليرموك على الفيسبوك

الشعراء والفنانون كان لهم رأيهم الواضح، إذ كتب الشاعر "رامي العاشق": " ولك .. آآخ يا خيّا/ اليرموك أكبر من قصايدنا الفقيرة بالحلم والنّاس/ اليرموك أوسع من مدانا/ ومن مدى الرصاص/ اليرموك (الله) واحد ومتروك/ ووحدو الوحيد الـ ما سكِر بالكاسْ".

من جانب آخر كان للقيادات الفلسطينية نصيب من الحضور في كتابات النشطاء بسبب تخاذلهم عن نصرة المخيم، إذ كتب الفنان "سمير خليلي": "قبل 4 سنين وأكتر. كانوا شباب المخيمات بسوريا يتخانقوا كرمال صور "القيادات" الفلسطينية اللي عالحيطان. كانوا يتزاعلوا ويقاطعوا بعض كرمال بوستر أو هتاف أو مهرجان لشي واحد من هالقيادات. اليوم الفلسطينيين موحدين وموحدين عشق كل الصور والبوسترات وتكسير كل المنابر وخلع كل القيادات بالكنادر. والقيادات موحدين عتركنا نموت بصمت. يا حوينة الوقت اللي أخدتوه من عمرنا بس"، في حين كتب الفنان هاني عباس: "كل ما يسمى بالقيادات و التنظيمات و السلطات الفلسطينية، و من في حكمهم من لصوص و صغار كتبة و وطنين بالإيعاز،  ربطاً بالممانعة و توابعها و مليشياتها. كيف كنتوا عم بتطالبوا العالم يوقف معكم إذا انتو ما عم بتوقفوا من شعبكم ؟ كيف بدكم العالم يعترف فيكم إذا أنتم مش معترفين (بشعبكم ) ؟ إذا انتم بعدكم محاصرين ( شعبكم ) و لاعنين دين ( شعبكم ). وعم تتاجروا (بشعبكم ) لا غفران بعد اليرموك".

Yarmouk-want-fall-campaign2
بوستر يوضح صمود المخيم رغم كل الدمار. المصدر: صفحة لن يسقط اليرموك

رغم هذا الموت الكابوسي أطلّت السخرية الكافكاوية برأسها إذ كتب "أنس سلامة": "لا أنباء عن إصابات في مخيم اليرموك، لأن الجميع شهداء الآن"، في حين رسم الفنان "علاء اللقطة" لوحة تمثل طفلا فلسطينيا يحمل مفتاح البيت الفلسطيني الذي تحوّل رمزا بمواجهة داعشي يحمل أربيجي، وانتشر رسم كاريكاتير بعنوان "نكبة اليرامكة" يوضح وقوعهم بين براثن الجوع وسكاكين داعش وبراميل النظام، مقابل بوسترات كثيرة ممهورة بعبارة "لن يسقط اليرموك" على خلفية توضح الدمار الذي حل بالمباني والبشر.

تزامن مأساة الفلسطيني مع عيد الفصح المسيحي وسط تجاهل تام لمأساة الفلسطينيين المستمرة منذ أكثر من نصف قرن دفع "هاني عباس" للقول: "العالم في إجازة الآن. العالم يحتفل بعيد الفصح، يوم قيامة السيد المسيح. المسيح الفلسطيني. الفلسطيني الذي يذبحه كل العالم اليوم في مخيم اليرموك. مخيم اليرموك الذي قام ... حقا" قام".

هذا اليأس لم يمنع النشطاء من فعل ما يمكن فعله، حيث نظم بعضهم حملات للتضامن مع اليرموك في الجزائر وصوفيا، رافعين لافتات منددة بالحصار والموت والتخاذل. إلا أن المذهل أن يتضامن فلسطينيو غزة وهم تحت الحصار الإسرائيلي مع مخيم اليرموك، وكأنهم بذلك يردون الدين لهم حين تضامن اليرموكيين وهم في ظل الحصار مع غزة، وكأن ليس للفلسطيني إلا الريح.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد