سراقب ترسم شهداء سوريا ليلا لتضلل الطيّار


08 تشرين الأول 2014

 

محمد ديبو

في الوقت الذي تحلّق فيه طائرات النظام يوميا في سماء سراقب، ملقية براميل الموت، ينتظر ناشطون مدنيون يساريون حلول الليل وتوّقف القصف، حتى يستكملون ما بدؤوه منذ أربعة أشهر، حين أوقفت حملة قاموا بها لرسم شهداء الثورة السورية على جدران المدينة، من قبل "مجموعة متطرفة" بحجة أن الرسم مخالف للدين والقرآن، فما هي الحكاية؟ ومن هؤلاء اليساريون الذين يعملون بصمت في جوف ثورة توصف دوما بأنها إسلامية؟

قبل خمسة أشهر من الآن (مايو 2014)، قرر "تجمع يسار سراقب" المنضوي ضمن "ائتلاف اليسار السوري" تنفيذ حملة تهدف إلى رسم شهداء الثورة على حيطان المدينة، تخليدا لهؤلاء الشهداء من جهة، وسعيا لإبراز ألوان الطيف السوري الثوري من خلال وجوههم، لتقديم رسالة غير مباشرة تقول بأن الثورة ليست حكرا على فئة أو إثنية أو دين بدليل توزّع الشهداء على كافة الأديان والإثنيات.

بعد أن جمع ناشطو التجمّع ثمن المواد ( الدهان والألوان والفراشي) من مداخيلهم  الشخصية، واختاروا الوجوه التي ستخطها أناملهم الحرة على جدران المدينة التي غادرها أغلب المدنيين، انتظروا حلول الظلام ليبدؤوا العمل خوفا من طائرات النظام التي تتربص بهم نهارا، ليفاجؤوا بأن الخطر جاء من مكان آخر.

إذ ما إن بدؤوا برسم وجوه باسل شحادة والأب بولس ومثنى الحسين ومصعب حاج اسماعيل وغياث مطر وعمار جعبر وغيرهم، حتى فوجئوا بها ممحوة بالدهان من قبل بعض الفصائل المتطرفة بحجة مخالفتها للقرآن، الأمر الذي دفعهم إلى الذهاب إلى نقاش الفصيل حول هذا الأمر، ليتبين لهم من خلال النقاش مع "الأمير" أن الأمر من تصرّف عناصر من الكتيبة المقاتلة بشكل منفرد، وكأننا أمام نظام جديد، إذ كان النظام دوما يبرر جرائمه بأنها "تصرفات فردية"، ليصار بعدها إلى السماح للناشطين باستمرار حملتهم، مع وعد بإبعاد تلك العناصر من المدينة.

رسم ضمن الحملة لشهداء من الثورة السورية. المصدر: الصفحة الرسمية لائتلاف اليسار السوري على الفيسبوك
رسم ضمن الحملة لشهداء من الثورة السورية. المصدر: الصفحة الرسمية لائتلاف اليسار السوري على الفيسبوك

وبعدها حاول الناشطون متابعة عملهم إلا أن القصف المكثف الذي تعرضت له المدينة حال دون ذلك، إذ لا يزال الناشطون ينتظرون حتى اليوم بكامل التصميم هدوء الجبهات العسكرية على الأرض  وتوّقف أو تخفيف قصف الطيران، حتى يملؤوا جدران مدينتهم بأرواح شهداء عبّدوا لهم طريق الحرية، متابعين على الدرب نفسه.

وإن لم يوقف النظام قصفه، ما العمل؟

يجيب الناشط "وثاب عزو" لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold" بيقين: "ننتظر حلول الشتاء، لأن طلعات الطيران تخف، وبالتالي يكون القصف أقل دقة".

أن ينتظر الناشطون أربعة أشهر حتى يكملوا حملتهم، عابرين من فصل إلى فصل، يعكس مدى إيمانهم بقضيتهم وبأهمية ما يقومون به من حراك سلمي مدني إبداعي رغم كل الظلام حولهم، ومدى تصميمهم على نيل حريتهم مهما تأخر ربيعها.

 

 

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد