سخرية السوريين من الخلافة تثير التفاؤل


02 تموز 2014

 

لم يكد ينتشر الفيديو الذي أعلن فيه زعيم دولة العراق والشام الإسلامية المعروفة باسم داعش "أبو بكر البغدادي" الخلافة الإسلامية، حتى امتلأت صفحات السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي بالسخرية من الخبر إلى درجة الإجماع، وذلك على خلاف سخرياتهم السابقة من أحداث سابقة حيث كان الانقسام سيّد الموقف. ولم لا؟ وهم الذين رفضوا التنظيم مذ أعلن عن نواياه ودخلوا في مقاومة مستمرة ضده.

السخرية بلغت حدا لم تبلغه من قبل، حيث كتب "عبد الله القصير" مخاطبا الخليفة "مولانا خليفة المسلمين وأمير المؤمنين.. أليس من المفترض أن نرى زبّك (قصدي وجهك).. كي نصلّي على ربّك؟"، في حين قال الكاتب "نائل الحريري": "الخلافة كويسة، والدولة الإسلامية ما فيها شي وعين الله عليها... نحن بس اللي مصابين بالإسلاموفوبيا! وجع!".

واختار الشاعر الكردي السوري "مروان علي" أن يسخر من مفردات الخليفة الجديد وتعابيره، إذ قال: "على الأخوة ( أهل الذمة ) المقيمين في أوربا وأمريكا تحويل الجزية عن طريق الويسترن يونيون" في تسليط الضوء على التناقض الذي يعيش فيه الإسلاميون عموما بين العصر الحديث والماضي.

وعلى نفس الأمر سار الناقد "خضر الأغا" حين تبرأ من كتابه ساخرا إذ قال: "بمناسبة إعلان الخلافة الإسلامية إلى الخليفة أمير المؤمنين أبي بكر البغدادي: أعلن براءتي من هذا الكتاب ( الجاهلي الذي أنا)"، موظفا عنوان كتابه في نقد إعلان الخلافة، على اعتبار أن البغدادي يحرم الخمر والرسم والكتابة ويعتبرها كلها عادات جاهلية.

الصورة الرئيسية لايفنت اسمك في عهد الخلافة. المصدر: الصفحة الرسمية للإيفنت.
الصورة الرئيسية لايفنت اسمك في عهد الخلافة. المصدر: الصفحة الرسمية للإيفنت.

السخرية لم تتوقف عند تعليقات السوريين والناشطين، بل ذهبت أبعد من ذلك، حيث أسس مجموعة من السوريين "إيفنت" ساخر عبر الفيسبوك حمل عنوان "اسمك في عهد الخلافة" طلب من زواره والمعجبين به الذين بلغوا ألفي متابع خلال يوم واحد، أن "تحسسوا رؤوسكم, سيف الخلافة على رقابكم, فما هي أسماؤكم التي ستقابلون بها أميركم أبي بكر البغدادي أيها الأعراب؟"، ليتم التفاعل مع الفكرة ويختار السوريون أسماء ساخرة، حيث كتبت "رهف الأسد: " وماذا تريدون باسمي. ألا تعلمون أن حتى اسم المرأة عورة. أنا ناقصة عقل ودين ومكاني في المنزل ليس أكثر، لذا إن أردتم أسموني كنبة".

إلى جانب السخرية، ثمة من ذهب باتجاه المقارنة بين خطوات "داعش" التي أعلن أميرها الخلافة، وبين النظام الذي أعاد إنتاج رئيسه في انتخابات وصفها السوريون بالمسخرة، حيث كتبت "حلا صباغ": "لك يا عينيييي. داعش تقوم بتنصيب خليفة و الشبيحة يقومون بتنصيب بشار الاسد. و زغردي يا انشراح ماعد نلحق أعراس ديموقراطية"، في حين كتب الروائي "عبد الناصر العايد": "الرقة تحتفل بالبيعة لـ"الخليفة ابراهيم" بإطلاق نار كثيف يشمل عموم المدينة، وهو أبلغ رد على بيعة "ابو حافييظ" في دمشق قبل نحو أسبوع، وبين احتفالين، مآتم السوريين باقية، وتتمدد"، خاصة أن تنصيب البغدادي خليفة ترافق مع قيامه بإصدار عفو عن بعض المعتقلين لدى التنظيم، وهو ما توازى مع الخطوة التي أعلنها الأسد بعيد إعادة ترشيحه، حين أصدر عفوا عن المعتقلين في سجونه، وهو الأمر الذي رفضته المعارضة والنشطاء مثلما يرفضون اليوم تنظيم داعش ويسخرون منه.

وذهب مصطفى باتجاه السخرية من النظام وداعش معا، حين قال أن "رامي مخلوف يعلن التزامه بمبايعة دولة الخلافة، وأنه سيصبح ابن خالة البغدادي شريطة أن يعينه خازن بيت مال المسلمين"، في تذكير بالمكانة التي يحتلها ابن خالة الأسد "رامي مخلوف" الذي كان سببا في تصاعد الاحتجاجات ضد النظام، و بالعلاقة بين النظام والتنظيم سواء مباشرة أو عبر غض النظر.

صورة ساخرة من خطوة إعلان الخلافة. المصدر: إيفنت ما اسمك في عهد الخلافة
صورة ساخرة من خطوة إعلان الخلافة. المصدر: إيفنت ما اسمك في عهد الخلافة

واختار "أكرم أبو حمدان" السخرية من الخلافة والعدالة والديمقراطية التي تعد بها، إذ قال: "انشالله هلق ما دام صار عنا خليفة بيبلش مسلسل اغتيال الخلفاء لبعضهم. يالله هيك أحسن على الأقل كل كم سنة منشوف وجه جديد مش مثل قبل خمسين سنة وبعدنا نفس الوجوه"، مذكرا أن أغلب الخلفاء الراشدين في العهد الإسلامي ماتوا قتلا، وهو أمر حال حصل اليوم سيعني تداول للسلطة كل بضع سنوات بدل من تأبد الأسد والبغدادي بها!

سخرية السوريين التي تعكس رفضا عميقا لما يجري، تؤكد على أن ثمة أملا ما زال يراودهم رغم كل ما حصل، وهو ما عبرت عنه "ريم تركماني" إذ قالت: " السخرية العارمة تقريباً من الجميع تجاه إعلان الخلافة هي شيء يبعث على التفاؤل, وعلها تكون بداية لما هو أكثر من السخرية العابرة, فالحدث وما مهد إليه يستدعي منا إعادة التفكير بجدية وبطرق مختلفة بالكثير من الأمور في الاستراتيجيات التي أوصلتنا إلى هذا الحال".

الجدية التي تحدثت عنها تركماني بدأت فعليا على صفحات الناشطين والمفكرين والمثقفين السوريين الذين أطلقوا أسئلة نقدية كثيرة ضد الإسلام السياسي عموما التنظيمات الإسلامية السورية التي طالما اعتبرت الإسلام هو الحل، حيث كتب "رغيد شرابة" منذ زمن ليس ببعيد، و عندما كنت في حلب، لم يتوانى الكثير من الأصدقاء عن التغني بالخلافة الإسلامية و التمني بعودتها قريبا...ترى ماذا يقولون اليوم مع إعلان الخلافة الداعشية التي تعمل بالمنهج الإسلامي الواضح؟"، الأمر الذي يضعنا أمام بداية جديدة قد توّحد كل السوريين خلف رفض الإسلامويين والنظام معا، وهو ما سنسلط الضوء عليه بـ"سيريا أنتولد syriauntold" في حكاية خاصة نظرا لأهميته.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد