الفنانة فاديا عفاش: لم تجرؤ على الحلم بالثورة؟


15 كانون الثاني 2014

على خلاف غيرها من الفنانين تعترف الفنانة السورية "فاديا عفاش" أنها لم تجرؤ طوال حياتها على "الحلم بالثورة" رغم أنها لم تكف يوما عن الحلم " بالعدل و المساواة".

هذا الخوف الذي تعترف به الفنانة التي درست الفن خفية عن أهلها في معهد أدهم اسماعيل للفنون في دمشق بعد أن درست الحقوق "بناء على رغبة العائلة"، هو ما يفرّق بين جيلين في سوريا، جيل الفنانة التي كان تطلعها للعدالة لا يتعدى حدود الحلم، ومن "بدأ بثورة الكرامة: أطفال سورية القادرون على الحلم" كما تقول لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

إلا أن خوفها من الحلم بالثورة لم يمنعها من الاندماج فيها إلى درجة أن " الثورة غيرت "مسار حياتي و بت أرى الأشياء من خلال موشور يحمل عدة أوجه، فتنعكس الحقيقة فيه لأرى من خلالها ما لم آراه من قبل, فأرى قبح البشر الذي لم أعهد له مثيل و لكنني أيضا أرى جوهر الأشياء و نورها".

الفنانة أمام لوحة لها. المصدر: الصفحة الرسمية للفنانة على الفيسبوك
الفنانة أمام لوحة لها. المصدر: الصفحة الرسمية للفنانة على الفيسبوك

الفنانة التي منعها أهلها من دراسة الفن "كوني أنثى"، خاضت ثورتها الخاصة سرا من خلال تعلّم الفن على يد " الاستاذ عدنان عبد الرحمن وهو فنان سوري كردي مكتوم ( أي ممنوع من الجنسية السورية) أثر فنه ومأساته الكردية في تكويني الفني"، لتتابع رحلتها في دراسة "الماجستير في المعهد الوطني للإدراة" الذي تعتبره محطة هامة في حياتها، إذ تعلّمت فيه "أساليب البحث النقدي الغير موجود في الجامعات السورية لتتبعه بتحقيق حلمها الفني " في أول معرض ثنائي لي في عام ٢٠٠٣ مع صديقة عمري ريم موسى. وبعدها تتالت مشاركاتي و معارضي المحلية والعالمية".

الفنانة التي منعها أهلها من دراسة الفن حملت قضية المرأة وحقوقها معها، فـ "غدا الفن وسيلتي للمناداة بحقوقي و حقوق غيري من البشر"، وهو ما تجلى في أعمالها الفنية التي تصوّر الانتهاكات ضد المرأة وخاصة جرائم الشرف، عدا عن تصويرها وضع المرأة اليوم في ظل الحرب كما في لوحة "حفرة سوداء"، إضافة إلى كونها كتبت في عام 2010 فيلما عن المرأة وقامت بتصويره بالتعاون مع معهد جنيف لحقوق الإنسان "لكنني لم أستطع عرضه للأسف".

حين اندلع الربيع العربي في تونس كانت الفنانة تجري "دورة تدريبية لحقوق المرأة في جنيف. لم أصدق عيناي لما شاهدت الثورة التونسية، و قلبي رقص فرحا و أنا أردد الشعب يريد إسقاط النظام"، لتسافر بعدها إلى "جامعة منيسوتا" للدراسة وتغرق في كآبة لمدة عام بسبب الدماء التي غطت سوريا.

إلا أن وقوف زوجها الفنان المعروف جهاد عبدو بجانبها، ساعدها للعودة "للرسم كعلاج نفسي لحالة الكآبة التي سوّرت حياتي، و كان العلاج ناجعا".

لوحة بعنوان استجواب تمثل الاذلال الذي يحصل للمعتقلين في السجون. المصدر: الصفحة الرسمية للفنانة على الفيسبوك
لوحة بعنوان استجواب تمثل الاذلال الذي يحصل للمعتقلين في السجون. المصدر: الصفحة الرسمية للفنانة على الفيسبوك

ذلك لا يعني أبدا أن الفنانة لم ترسم شيئا للانتفاضة قبل هذه الفترة، بل هي تفتخر بلوحة " التحوّل" التي رسمتها قبل بداية الانتفاضة بأيام وعرضتها في يوم المرأة ٨ آذار ٢٠١١ في صالة السيد دون أي شرح مرافق، إذ تربطها بها علاقة حميمية "أحبها و تحبني لأنها كشفت عن حلمي بالتحوّل، ولأنني خلقتها على القماش. إنّها تلك اللحظة ما بعد الكمون و قبل الانطلاق. لحظة سطوع الفكرة والهمة بالوقوف للاستعداد والبدء بالتغيير إنها لحظة بدء الثورة في روحك وانطلاقها في خلاياك" كما تقول لموقعنا.

بعد فترة الانقطاع قدمت الفنانة العديد من اللوحات في معرض في مدينة "لوس انجلس "لمشاركة آلامي كسورية مع الناس في أمريكا" دون أن تكون متيقنة مما قدمته، إذ تقول بحيرة " فكيف لي أن أقول أني قدمت شيئا؟ ولا أعرف إن كان إحساسي بالذنب - لأني تركت أهلي وبلدي في هذه الظروف - سيخف يوما!!".

ترى الفنانة أن العلاقة بين الثورة والفن عضوية، فالفنان هو من يكرس "فنه لقضايا الناس، لذلك أرى أن الثورة قد أنتجت فنانين حقيقيين. أفتخر بهم و أرجو أن يقبلوا زمالتي. هؤلاء هم الفنانون الحق. فالفن قضية وشجاعة وليس تكنيك وخبرة" وهو ما عكسته أعمال الفنانة التي تتجلى سوريا في لوحاتها على هيئة فتاة معتقلة ومقيدّة على كرسي بانتظار تحريرها، أو من خلال عبارة "حرية وبس" التي تقطر دما، ومن خلال تسليطها الضوء على معاناة اللاجئين السوريين.

إلا أن أقسى لوحات الفنانة هي لوحة "الطفل الذي بالداخل" التي تصوّر حالة طفلة تم اغتصابها وهي حامل في السجن دون أن تعرف ماذا تفعل بطفولتها وهي التي غدت أما، لنغدو أمام سوريالية اللحظة التي تعيشها سوريا اليوم.

 

 

 

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد