براميل الموت


تعيش حلب هذه الأيام لحظات كابوسية، تشبه زلزال القيامة، إلا أنها قيامة الموت دون الحياة، حيث براميل الحقد والدمار والقتل تهبط من سماء تحوّلت من ملاذ آمن يرفع الحلبيون تجاهها صلواتهم وابتهالاتهم إلى آداة قتل، حيث طائرات المستبد تمطرهم ببراميل متفجرة هي آخر ما أبدعته آلة الاستبداد البعثية

25 كانون الأول 2013

تعيش حلب هذه الأيام لحظات كابوسية، تشبه زلزال القيامة، إلا أنها قيامة الموت دون الحياة، حيث براميل الحقد والدمار والقتل تهبط من سماء تحوّلت من ملاذ آمن يرفع الحلبيون تجاهها صلواتهم وابتهالاتهم إلى آداة قتل، حيث طائرات المستبد تمطرهم ببراميل متفجرة هي آخر ما أبدعته آلة الاستبداد البعثية:

"البرميل" هو عبارة عن وعاء يعرفه السوريون جيدا، خاصة أبناء الأرياف حيث يضعون فيه  الماء والزيت وأدوات المؤونة للشتاء، و أحيانا يستعمل للطبخ إن كانت الكميات كبيرة في الأعياد أو مواسم الزيتون والحصاد، إذ أنه يرتبط بذاكرتهم وحياتهم بالخير والمواسم والأعياد.

إلا أن النظام السوري حوّل هذه الأداة التراثية إلى آداة قتل، مفرغا البرميل من الزيتون المبارك ومؤونة الأرياف  ليملأ بأدوات الموت والقتل، ويرمى من الطائرات على المدن السورية كافة، وسط ذهول السوريين وعجزهم عن مواجهة هذا الموت المنهمر من السماء إلا بمشاعر غضب عبرت عنها بوستاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كتبت الناشطة ميادة الخليل :

وإذا كان النظام لم يستثني مدينة واحدة من براميله المتفجرة، فإن مدينة حلب تعرضت مؤخرا وبشكل يومي لقصف براميلي مميت، أدى لرفع الصرخة عاليا:

 

 حيث تحولت صفحات الناشطين الشخصية والصفحات العامة إلى آداة لتنفيس الاحتقان الغاضب، وللتعبير عن المشاعر والغضب تجاه مجتمع دولي أصم يرى بعين واحدة إرهاب داعش ويركز عليه، دون أن يرى إرهاب النظام وهو يلقي ببراميله المتفجرة المصنعة في مراكزه العسكرية ومراكز البحوث العلمية التابعة له كما تقول صفحة alleppo.now:

.

 

إلا أن البوست السابق للصفحة يحوي حمولة طائفية واضحة حين يقول: " أولاد بلدنا السنة يلي بلا شرف يساعدون في قتل أهلهم"، مما يعكس وعيا طائفيا لم يتم تجاوزه في صفوف الثورة بعد حيث أن القتلة لا دين لهم ولا طائفة.

 

 

  وقد عبر المثقفون والفنانين السوريين عن غضبهم تجاه آلة القتل هذه، إذ كتب كل من فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات و الفنان هاني عباس ما يلي:

.

 

 

.

وكعادة السوريين لم يخلو الأمر من السخرية، حيث كتب المصوّر عبد حكواتي

.

وكتب عمر إدلبي:" مناشير ومظاهرات طيارة لمجموعات من مؤيدي النظام تجوب مناطق وأحياء معروفة بتأييدها للنظام تطالبه بالتوقف عن القصف بالبراميل والصواريخ والطيران، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المحاصرة!! لا تشهقوا من المفاجأة .. هي مجرد أماني أعرف أنها لن تتحقق أبداً .. ولكن أحببت أن أدونها للذكرى"

 

الغضب لم يقتصر فقط على صفحات الناشطين المعارضين، بل وصل إلى الصفحات التي تحمل طابعا وسطيا توفيقا، حيث كتبت صفحة " موالي ومعارض. نعم لوقف إطلاق النار الفوري من جميع الأطراف وتطبيق القانون:

.

 

إطلاق النظام البراميل المتفجرة وصل إلى مجلس الأمن الدولي والجسم السياسي للمعارضة السورية، حيث عرقلت روسيا التي تقف جانب نظام الأسد قرارا يدين النظام السوري بهذا الشأن، الأمر الذي بات زاد من منسوب العداء و الغضب ضد الروس الذين لازالوا يحمون نظام الأسد رغم كل إجرامه، الأمر الذي دفع الائتلاف الوطني السوري المعارض إلى وضع شرط إيقاف النظام للبراميل المتفجرة قبل الذهاب إلى جنيف:

 

 

 شرط الائتلاف هذا لاقى سخرية بعض الناشطين، حيث كتب الناشط والشاعر عمر إدلبي:"

أمين عام الائتلاف الوطني السوري بدر جاموس يقول أنه "في حال استمر القصف الذي يمارسه نظام الأسد، فإن الائتلاف لن يذهب إلى مؤتمر جنيف".
نأمل أن يتوقف القصف .. نأمل .. ولكن سيستمر القصف .. وسنرى إن كنتم لن تذهبون إلى جينيف!!"

 

 

 

  

 غضب السوريين لم يقتصر على الكتابة والتظاهر، بل وصل إلى لوحات الفنانين وأعمالهم، حيث رسم الفنان السوري ماهر أبو الحسن لوحة لكلمة حلب وهي تقطر دما:

.

وأما الفنان فراس الصالح فرسم:

وأما الفنان حكم الوهب فرسم:

رغم كل هذا الموت، قابل السوريون براميل النظام بمزيد من التحدي والغضب والإصرار على النصر، حيث رفع تجمع أنصار الثورة في حمص لافتة كتب عليها:

.

 

ولكن التفاؤل السابق لم يمنع بعض الناشطين من التعبير عن حالة اللايقين وانتظار الموت التي يعيشها السوري بانتظار" الموت الجاي ببرميل"، كما عبر الناشط بشار فرحات

.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد