جنى: نساء سوريات يرفضن الخضوع ويواصلن درب الحرية


22 تشرين الثاني 2013

 

البناء الذي يعملن فيه شاهد حي على نضالهن ومقاومتهن، فبناء "أطفال السكري" في الرقة الذي "أخذت صواريخ النظام حصة منه" حُزْنَ عليه بعد اعتصام لمدة شهر أمام مقر "حركة أحرار الشام" التي استولت عليه بعد رحيل قوات النظام عن الرقة في آذار 2012، لنكون أمام نضال متعدد المستويات تقوده المرأة السورية الرقاوية ممثلة بمنظمة "جنى"، ضد بقايا النظام وضد بنية ذكورية التفكير قائمة لدى الرجل والمرأة في آن، وضد والعقليات التي لم تزل تحمل إرث الاستبداد، حيث طلبت "عدة جهات منا وبشكل مباشر أن يكون لنا طابع إسلامي. لكن رفضنا وبشكل صريح، علما أن كل العضوات في البداية كنّ محجبات (طبعا بالصدفة)،  لقناعتنا أن الدين من الأمور الشخصية ولا يحق لأحد فرضها على أحد".

بمجرد رحيل قوات النظام عن مدينة الرقة، تداعت مجموعة من النساء اللواتي لم يتجاوز عددهن العشرة، و يحملن "أحلام كل نساء البلد من عدالة وحرية و تقدم"، ساعين لترك "بصمتنا في مجتمعنا. كان علينا الوقوف إلى جانب الرجل ونكون مكملين لما بدؤوه" كما تقول إحدى المؤسسات لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

صورة لإطلاق مشروع خبز و ملح بالتعاون بين منظمة جنى و هيئة إغاثة الرقة : المصدر صفحة منظمة جنى على الفيس بوك
صورة لإطلاق مشروع خبز و ملح بالتعاون بين منظمة جنى و هيئة إغاثة الرقة : المصدر صفحة منظمة جنى على الفيس بوك","title":"..... EN

لم تكن تملك النساء إلا قوة إيمانهن بمستقبل بلدهن، وجهودهن الشخصية التي وظفنها في ما تيّسر من أعمال يقدرن من خلالها على خدمة المجتمع من خلال التركيز على النشاطات التنموية والإنسانية والحراك الثوري بطبيعة الحال، حيث تختار المجموعة نشاطاتها "حسب حاجة المرحلة التي نحن فيها وحسب متطلباتها"، مثلا جاءت مبادرة "ليكن بيننا خبز وملح" كنتيجة لشح مادة الخبز في المدينة فكانت "مبادرتنا تقوم بصنع الخبز العربي على الصاج في مقر المنظمة وتوزيعه مجانا على الناس"، إضافة إلى المشاركة في العديد من الحملات التي تدعو إليها التجمعات المدنية كنوع من التفاعل والتواجد في الشارع، مثل حملة "لن أترك مدرستي" و "شاركني دوائي".

إلا أن الأوضاع المادية الصعبة لنساء المجموعة حدّت من قدرتهن على العمل لأن أغلبهن ذوي دخل متواضع. ونظرا لحاجتهن لمقر عمل بدؤوا رحلة البحث عن المقر بمساعدة أطياف مدنية ومجموعات نشطت في المدينة، إلى أن عثروا على مقر " أطفال السكري" الذي استولت عليه حركة "أحرار الشام" بعد سقوط النظام، وحين طالبوا به امتنعت الحركة عن إخلائه ليبدؤوا اعتصاما مفتوحا لمدة شهر انتهى باستلامهن المقر في أول انتصار لهن، ليعملوا على "تنظيفه وتأهيله بل وقمنا بإعادة تفعيله وعاد الأطفال الى ناديهم".

أوّل العوائق التي تقف بوجه نساء المنظمة اليوم تتمثل بسلبية المرأة من المشاركة، إذ أغلبية النساء  "لديهن تخوّف كبير بالانتساب. طبعا خوفا من عودة النظام والمظاهر المسلحة التي كانت منتشرة في أرجاء المدينة بالإضافة الى رغبتهم بالراحة وترك هذه الامور للرجال".وهذا ما يجعلهن أكثر تصميما على متابعة النضال لـ "توعية وتأهيل المرأة لتأخذ دورها كاملا في المجتمع".

نساء من جنى خلال نشاط تنظيف وإعادة تأهيل أحد المدارس. المصدر: الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك
نساء من جنى خلال نشاط تنظيف وإعادة تأهيل أحد المدارس. المصدر: الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك

تبرمج المنظمة نشاطاتها وفقا لأمرين: الإمكانات الاقتصادية والحاجات الاجتماعية للناس على الأرض، فبناءً على "الحالة الاقتصادية المتدهورة في المدينة، نتيجة قطع الرواتب وغلاء الأسعار كانت فكرتنا بتشغيل مجموعة من النساء مقابل أجر"، في ورشتي ( تصينع غذائي وخياطة نسائية) تم تمويلهما بعقد شراكة مع منظمة "هيلب إغاثة" النرويجية، دون أن يكون "هناك مقابل للدعم بل كانت كل واردات الورشتين تعود لمنظمة جنى دون مقابل"، علما أن المجموعة قامت بعدد كبير من النشاطات لوحدها مثل تنظيف مدرسة معاوية في المدينة وإعادة تأهيلها، وإقامة معرض الأعمال اليدوية الثورية.

النساء اليوم متوقفات عن العمل، فهنّ بين مطرقة الحاجة الاقتصادية وسندان الخضوع لمطالب الداعمين إلا ما ندر، إلا أنهن مصممات بنفس الوقت على عدم الرضوخ والسعي وفق إمكاناتهن المادية المتواضعة على دعم مسيرة المرأة والوقوف إلى جانب الرجل في صنع "وطن يحلم به كل السوريين"، لأجل الوصول إلى "سورية حرة للجميع وعدالة و تقدم، ولن يكون ذلك إلا اذا أخذت المرأة دورها كاملا بالمجتمع".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد