"سنديان" تنحت لإزالة أوهام الموالاة والمعارضة عن الساحل


11 آب 2013

"نحنا كم شب قاعدين بالساحل. و الساحل إلو وضعوا الخاص اللي حابين نحكي عنو. يعني أكيد الوضع بالشام غير بحمص غير بحماه. بس الوضع بالساحل غير تماما ... غير بكتير!".

بهذه الكلمات البسيطة تتوجه مجلة "سنديان" لجمهورها ومتابعيها، محاولةً تسليط الضوء عكس السائد، باتجاه الحقيقة التي يتوهم الجميع " موالاة ومعارضة" القبض عليها في فهم شؤون الساحل السوري المعقدة، في محاولة لإيصال "صوت شباب الساحل لأخوتهم في الوطن"، من خلال الشباب "القاطن في الساحل السّوري" و المنتمي "لعدة انتماءات طائفية وتجمعنا الثورة الذي ولدت الرغبة عنده "بصنع المستقبل والانتفاض على الواقع المر الّذي يعيشه الساحل وأهله" كما يقول فريق المجلة لموقعنا سيريا أنتولد syriauntold.

ونظرا لتعقد الظروف في الساحل السوري وتداخل أكثر من عامل سياسي/ اقتصادي/ اجتماعي وقدرة النظام على سحب أبناء الساحل السوري ليكونوا دريئة له، وانتشار العديد من مظاهر "الأسطرة" و"الوهم" في الإعلام ولدى المعارضة السورية عن الساحل السوري وطريقة التعامل معه، ولد العدد الأول من مجلة سنديان في آب 2012، في محاولة للإجابة عمّا سبق و تقديّم معلومات حقيقية عما يحصل بعيدا عن التجييش والتجييش المضاد، وذلك عبر السير في "اتجاهين الأوّل يتوجه لأهل الساحل ليقدم لهم نظرةً مختلفة لما يجري في سوريا، يحاول إنقاذهم من الشرك الّذي نصبه لهم النظام برأينا، ويحاول أن يكون لهم دور حقيقي في بناء سوريا القادمة مع أخوتهم السوريين. نعمل في هذا الاتجاه من خلال بحث القضايا الّتي تهم "ابن الساحل" في الثورة السّورية، والإضاءة على استغلال النظام للطائفة العلوية في حربه ضد شعبه. الاتجاه الثاني: من الساحل لكل السوريين، نحاول نقل الصورة الحقيقية لكل ما يجري هنا لحياة الناس وهمومهم وكيف يفكرون، تلك الصورة المختلفة تماماً عما ينقله النظام في إعلامه المبتذل".

الأسئلة الكثيرة المطروحة على جدول أعمال الانتفاضة حول الساحل السوري دفعت هؤلاء الشباب لنقل أسئلتهم من حيّز الأفكار إلى الواقع، إذ "لم يحتج الأمر الكثير من التخطيط، تمّ النقاش حول رسالة المجلة وخطّها العام والقضايا الّتي ستطرحها وتعالجها، ثمّ تمّ وضع زوايا ثابتة في الأعداد ورسم خطة عمل قصيرة الأمد، ليتم لاحقاً إضافة أبواب أخرى. لم يكن هناك توزيع واضح وثابت للمهام، قمنا بالتعاون فيما بيننا لإنجاز كل المهمات: من اقتراح الأفكار الخاصة بكل عدد إلى أعداد المقالات والتقارير والتواصل مع النشطاء والهيئات الثورية ومن ثمّ التحرير النهائي للأعداد وتصميمها ونشرها وإدارة صفحتنا على الفايسبوك".

المجلة تقتصر اليوم على النسخ الالكترونية المتوافرة عبر صفحتهم على الفيسبوك، "لأنّ المجلة إلى الآن لا تطبع لعدة أسباب أهمها استحالة طبعها وتوزيعها في الساحل بسبب الحصار الأمني الخانق، ومنها أيضاً عدم توفر المال الكافي لذلك ورغبتنا في الحفاظ على استقلاليتنا"، حيث تتضافر العوائق الأمنية والاقتصادية ضدهم، فـ "الوضع الأمني في الساحل صعب، والتحرّك غير المدروس بالدقة يعرضك للانكشاف. البيئة المحيطة غير داعمة ومن الممكن أن تساهم في إيذائك بدل حمايتك من قوات الأمن لذا وجب علينا العمل بحذر شديد وبخطوات محسوبة بدقة".

يرفض فريق المجلة أي تمويل لمجلتهم حاليا فهم يعتمدون على مالهم الخاص، ليبقى شغلهم "من راسنا" كما يقولون، ولأن "الأمر لا يتطلب الكثير. فقط تكاليف الاتصال بالانترنت"، حيث "وصلتنا الكثير من العروض الّتي تعرض دعماً مالياً أو حتى دورات تدريب مجانية، رفضنا هذه العروض" لأننا "نتوجس بشكل عام من الأموال المقدّمة والمطلوب في مقابلها. نعمد إلى تأجيل مشاريعنا الّتي تحتاج للتمويل لما بعد سقوط النظام حيث يترافق تحولنا إلى مؤسسة إعلامية مع وجود بنية واضحة لطرق التمويل وعدم تأثيرها أبداً على استقلاية المجلة".

من اللافتات التي يرفعها ناشطو مجلة سنديان. المصدر: صفحة المجلة على الفيسبوك...
من اللافتات التي يرفعها ناشطو مجلة سنديان. المصدر: صفحة المجلة على الفيسبوك...

على خلاف المناطق الأخرى، أصعب العوائق التي تقف أمام فريق المجلة في الساحل هو العائق الاجتماعي، فـ "نحن نتوجه لأهلنا في قرانا ومناطقنا ونحن نعرف تماماً كم من الصعب التوجه إليهم بخطاب ثوري. حاولنا في ملف العدد 13 الخوض في هذه القضية وأوضحنا أنّه وقبل أن نستطيع الدعوة للثورة في الساحل نحن ملزمون بتفنيد وبحث وتوضيح عدد كبير من الملفات الشائكة منها المسألة الطائفية، ومستقبل سوريا والأقليات والخوف من الاسلام المتشدد، والعسكرة. إن تجاهلنا هذه الملفات وخضنا بدعوة ثورية رومانسية حالمة فقط، لن نصل أبداً إلى أهدافنا" لتبدو محاولتهم هذه أشبه بالسعي لخلخلة الأعمدة الاجتماعية والسياسية للنظام في تلك المناطق لمحاولة فرض "ثورة من تحت" بدلا من "ثورة من فوق" تسعى بعض قوى المعارضة لفرضها على الساحل دون فهم البنى العميقة المشكلة له، والتي لا يمكن نجاح أي شيء في تلك المناطق دون فهمها، لذا تتوجه المجلة للمعارضة بالقول "الساحل مو متل ما أنت متخيلو. و لازم تتعرف عليه لأنو هالمعرفة رح تفيدك كتير لقدام"، وللمؤيدين بالقول: "نحنا معك، عايشين بنفس الجو اللي أنت عايش فيه .. حاسين فيك، بحزنك و بخوفك عالبلد. بس نحنا كمان من محبتنا للبلد عم نفكر بشكل مختلف و حابين نحكي معك و ما لقينا غير هالطريقة. إنت بتعرف الوضع، و بتعرف أنو حاجز الخوف هون لسى ما انكسر و لسا الجو العام هون ما بيسمحلنا نحكي كلمة معارضة و لو بالحق"، في محاولة منهم لوضع أسس عمل إعلامي صحيح يطرح القضايا بشكل صحيح لتكون عونا للمناضل والسياسي لرؤية الوضع بشكل أفضل، ولهذا فإن عملهم لن ينتهي بسقوط النظام بل يطمحون لأن "نكون صوت الساحل كلّه وسوريا كلّها في المستقبل الحر"، حين تولد "سوريا حرّة ديموقراطية عادلة يتساوى فيها كل مواطنيها، وتنتفي فيها كل التمييزات الطائفية والعرقية وتضع أولى خطواتها على طريق التقدم وإعادة بناء ما هدّمه الاستبداد".

 

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد