لافتات تقاوم الحصار: إن سقطت حمص سقط العالم


28 تموز 2013

حمص التي لقبت بعاصمة الثورة خلال فترة المد السلمي في الانتفاضة السورية، لأنها المدينة التي جذّرت قوة الانتفاضة ووطدتها، لا تزال تقاوم الطغاة رغم كلّ المعارك الدائرة في وسطها ومحطيها، حيث يحافظ شبابها ما أمكن على النشاط السلمي المدني الذي يصرّون على إبقائه حيّا ليكون صوتهم للعالم الذي لم يعد يرى سوى آلة الحرب العمياء، متغافلا عن أناتهم ومقاومتهم، لذا تأتي لافتاتهم لتذكر هذا العالم الأصم: "أحياء رغم القتل، أحرار رغم الاعتقال، صامدون رغم الدمار"، كما تقول إحدى اللافتات التي رفعها الشباب السوري الثائر في حمص.

 

هذا ما يصر عليه حتى اللحظة الشباب المدني السلمي، تزامنا مع القصف الذي تتعرض له أحياء الخالدية وحمص القديمة وغيرها من قبل النظام لإخراج مقاتلي المعارضة المسلحة منها، حيث يصرّ الناشطين السلميين على الخروج بتظاهرات بين نوبتي قصف أو بين معركتين، إذ بمجرد توّقف القصف يخرج الشباب إلى الشوراع، رافعين لافتاتهم المندّدة بالحصار، كما فعلوا في حي الوعر في جمعة "سيف الله المسلول" بتاريخ 28/7/2013، حيث تظاهروا ورفعوا لافتات كتب عليها: "عندما يبلغ الباطل ذروة ظلمه، ويبلغ الحق أقصى محنته، يكون الصمود والثبات هو الانتصار"، و " الثورة بحاجة لثائرين. ثائر يقول الحق، وثائر يفهم كلمة الحق" و وثورتنا ضد الظلم مستمرة حتى نيل حريتنا وإقامة مجتمع العدل".

 

في حيّ الخالدية التي تحاصره قوات النظام منذ شهور طويلة، حيث بدأت حملة تصعيدية لاقتحامه منذ أيام، يخرج النشطاء للشوارع غير مبالين بالقصف والطائرات، ليرفعوا لافتاتهم التي ترسل رسالة للعالم مفادها: "إن سقطت حمص، سقط العالم، سقط كل شيء".

 

ولا تكتفي اللافتات التي باتت المعبّر الوحيد عن معاناة أهل المدينة بالتصويب على النظام وظلمه، بل توّجه سهام نقدها نحو التيارات السياسية التي وعدت الناس بالدفاع عنهم وتخلّت عنهم في اللحظات العصيبة، حيث تقول إحدى اللافتات: " الإئتلاف الساقط يتنافس على الكراسي، تاركين حمص تعيش المآسي".

 

مظاهرة في حي الوعر في حمص بتاريخ 26/7/2013. المصدر: صفحة الشباب السوري الثائر على الفيسبوك
مظاهرة في حي الوعر في حمص بتاريخ 26/7/2013. المصدر: صفحة الشباب السوري الثائر على الفيسبوك

ولا تنسى لافتات المدينة التي تقاوم الحصار من التأكيد المستمر أن الانتفاضة للجميع وليست لأحد ضد أحد آخر، مذكرة بشعارات الانتفاضة الأولى و أيامها السلمية، محذرة المتسلّقين بلافتة بتوقيع نشطاء حي الوعر، تقول " نحذّر جميع الثائرين، المتسلقين والمتسلّق عليهم. الثورة السورية لجميع السوريين".

 

 وكذلك لا ينسى ناشطو المدينة رغم كل جراحهم النازفة أخوتهم في المدن الآخرى التي تتعرض لما يتعرضون له، ربما لأنه لا يعرف الجرح إلا من يكابده، فترفع لافتات تحيي حي "اليرموك" في دمشق الذي تسكنه غالبية فلسطينية، والذي يتعرض لهجوم من قوات النظام، حيث رفعت لافتة كتب عليها شهد "يا عالم علينا وعالـيـرمـوك .. اشهد للثورة الشعبية / ويلي ما شاف من الغربال يا يرموك .. أعمى بعيون أسدية"، وهي مستوحاة من إغنية مطلعها "إشهد ياعالم علينا وعابيروت.

 

حين يشتد الحصار ويتعاظم القصف على المدينة والأحياء، يسخر الناشطون من قوة النظام و بطشه بلافتة ترفع في البيوت، وتصوّر وتنزّل على مواقع التواصل الاجتماعي لتجد طريقها إلى صدر العالم الذي ستسقطه حمص إن سقطت!

 

لافتات حمص تقاوم الحصار المفروض على المدينة، وتؤكد أنّ الحرية فكرة لن يقدر أحد على منعها من الطيران مهما اشتد الحصار، فثمة منافذ سرية وأجنحة تهرّبها من ظلمة الاستبداد إلى نور الحرية، لتكون رسائل الأرواح الحرّة للعالم الميت.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد