نحن بديل أخلاقي: ثورة ضمن الثورة


08 شباط 2013

سوريا أولا، نحن بديل أخلاقي عن النظام"، "ثرنا لأننا بديل أخلاقي، قبل أن نكون بديل سياسي" هذه العبارة المكتوبة على قصاصات ورقية بيضاء تفاجأ بها السوريون ملقاة في الشوارع والحدائق يوم الخميس الموافق في الثامن من تشرين الثاني 2012.

حملة "سوريا أولا، نحن بديل أخلاقي" جاءت كضرورة ورد فعل على تصرفات النظام أولا، و ثانيا على تصرفات بعض قوى المعارضة السياسية التي تسعى لاحتكار العمل المعارض، فهي ثورة ضمن الثورة ذاتها، إذ تأتي من قبل قوى الثورة للاحتجاج على تصرفات معارضين آخرين من نفس الخندق المعادي للنظام، وذلك وفق عدة اتجاهات: الأول: يحتج على بعض تصرفات الجيش الحر و كتائب المعارضة المسلحة، حيث صدرت تقارير كثيرة مؤخرا عن مؤسسات دولية وحقوقية تتهم المعارضين بارتكاب انتهاكات بحق الأسرى وجنود النظام، وهو ما يعبر عنه شعار " ثورتنا من أجل كرامة الإنسان السوري". والثاني: يحتج على قوى المعارضة السياسية التي أخفقت في تمثيل الانتفاضة ولا زالت تتنافس فيما بينها بطريقة لا أخلاقية على احتكار تمثيل المعارضة، وهو ما عبر عنه شعار " نحن بديل أخلاقي قبل أن نكون بديل سياسي". والثالث: يحتج على بعض التصرفات الطائفية التي ظهرت هنا وهناك، وهو ما يعبر عنه شعار " ثورتنا ضد الطائفية، واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"، خاصة بعد استهداف المناطق الموالية للنظام في مزة 86.

ويأتي هذا النشاط ضمن أنشطة متعددة يقوم بها الشباب السلمي المدني في دمشق، وباقي المحافظات لإثبات أن العسكرة ليست بديلا عن السلمية وليست إلغاء له، حيت يستمرون في تنظيم التظاهرات وتوزيع المنشورات والرسم على الجدران و تأليف وكتابة الأغاني ونقل أخبار الانتفاضة السورية إلى كل مكان في العالم، ناهيك عن العمل اليومي والمستمر على الفئات التي لم تنضم للانتفاضة بعد، وهو ما يمكن أن نتابعه على صفحة الشباب السوري الثائر الذي ساهم في إطلاق الحملة التي نتحدث عنها، بمساعدة تنظيمات وتجمعات أخرى مثل تجمع نبض وغيره وحبة قمح وسنابل الحياة وغيرها.

صورة لمنشورات تخص الحملة قبل توزيعها ... المصدر : حصلنا عليها بشكل شخصي
صورة لمنشورات تخص الحملة قبل توزيعها ... المصدر : حصلنا عليها بشكل شخصي ","title":"..... EN

بدأت فكرة حملة " نحن بديل أخلاقي" بتأثير الأخطاء التي بدأت تظهر من خلال نقاشات الشباب المتظاهر فيما بينهم، وحين طرح السؤال عن كيفية العمل على توقيف هذه الانحرافات أو تقليلها إلى الحد الأدنى، ظهرت فكرة الحملة التي بدؤوا يعدون لها ويتداولون في كيفية تنفيذيها والشكل الأخير الذي ستستقر عليه، إذ من بدلاً"من الحديث عن فكرة البديل الأخلاقي وحسب, قررت هذه المجموعات أن تطرح الفكرة بشكل عملي في الشارع لإيصالها لأكبر شريحة من المجتمع السوري بشقيه المعارض والمؤيد"، كما يقول أحد المشاركين في الحملة في حوار أجراه معه موقعنا، حيث الهدف من الحملة "ايصال رسالتين للشارع المعارض مفادها أن مبادئ الثورة الأولى هي مبادئ الثورة الحقيقية والتي لا يجب أن تحيد عنها، وللشارع المؤيد, رسالة مفادها بأن هذه الثورة للجميع لأنها ثورة المبادئ الوطنية والإنسانية والتي سيعود انتصارها بالخير على جميع سوريا بجميع شرائحها. فالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة هي لكل السوريين بغض النظر عن الانتماء القومي والطائفي والمذهبي".

 وبعد نقاشات كثيرة وتمحيص الآراء اتفق هؤلاء الشباب على أن تأخذ الحملة شكل توزيع منشورات في الشوارع، مع تصويرها على أشرطة فيديو لتحقق عدة أهداف، أولها: إيصال رسالة علنية لكل الفصائل السياسية والعسكرية بأن تصرفاتكم هذه تسيء للانتفاضة ولابد من معالجة الأمر. وثانيها: إيصال رسالة واضحة للشارع السوري الذي تراجع عن دعم الانتفاضة أو تعرض رأيه بالانتفاضة للاهتزاز بسبب هذه الانتهاكات، رسالة مفادها بأن هذه الانتهاكات لا تمثل الثورة التي هي بديل أخلاقي. وثالثها وأهمها: إيصال رسالة واضحة للنظام بأن النشاط المدني السلمي سيستمر رغما عن الحل العسكري الذي دفع الانتفاضة إليه، وهو أمر له دلالة هامة، لأن النظام أراد من دفع الأمور باتجاه العسكرة إنهاء النشاط المدني السلمي إن تمكن من الانتصار عسكريا، وهذا ما فهمه الناشطون السلميون الذين يعملون على إبقاء النشاط السلمي مستمرا بغض النظر عن مسار العسكرة، أي سواء انتصر النظام أو خسر عسكريا، وهو ما يفرغ العمل العسكري من محتواه على المدى البعيد.

قسم الناشطون الحملة إلى قسمين كما قالت إحدى الناشطات لموقعنا، الأولى: رفع لافتات الحملة في كل المظاهرات التي ستخرج في المحافظات السورية من دمشق وريفها إلى حلب وريفها وإلى حمص وحماه واللاذقية، لإثبات الوجود في هذه الحملة. والثانية التواصل مع الجيش الحر بهدف تعريفهم بالحملة  وإقناعهم برفع لافتات الحملة والمشاركة في إطلاقها و الالتزام بها.

بعد ذلك، بدأ شباب الحملة التفكير بالشعارات التي ستتضمنها حملتهم والتي يجب أن تكون معبرا عن جوهر الرسائل التي يبغون إيصالها، حيث استقر الأمر على مايلي:

-        إذا كانوا طائفيين فثورتنا ضد الطائفية ( واحد واحد واحد   الشعب السوري واحد).

-        إذا كانوا يؤمنون بالشخص الواحد فثورتنا لكل السوريين.  إيد وحدي إيد وحدي).

-        إذا كانوا يريدون إذلال الإنسان فثورتنا من أجل كرامة الإنسان السوري ( الشعب السوري ما بينذل).

-        إذا كانوا يمتهنون أسر حرية السوري، فثورتنا ثورة حرية لكل السوريين ( الله، سوريا، حرية وبس).

-        إذا كانوا هم أساس التطرف، فثورتنا لسورية المدنية التعددية الديمقراطية ( إسلام ومسيحية .. بدنا دولة مدنية).

https://www.youtube.com/watch?v=B2EakGEQfsc

وبعدها، بدأ شباب الحملة العمل على طباعة الشعارات على أوراق من أجل توزيعها في شوارع المدن السورية، كما قام  الشباب بتصوير فيديو وإنزاله على اليوتيوب يعرف بالحملة وأهدافها، بالتعاون مع عدة مجموعات ثورية، بغية إيصال صوتهم و أهداف حملتهم إلى أكبر عدد من الجمهور السوري، خاصة أولئك الذين قد لا تصل إليهم المنشورات.

وبعد ذلك بدأ الشباب توزيع المنشورات في أحياء دمشق ( باب توما، القصاع، باب شرقي، الزبلطاني، مشروع دمر، الجسر الأبيض، مساكن برزة) و مدن ريف دمشق وحلب واللاذقية ( المشروع الأول، مشروع البعث، الزراعة، الأوقاف وغيرها).

https://www.youtube.com/watch?v=tCYJSPDICLE

حملة نحن بديل أخلاقي في مشروع دمر

نتائج الحملة:

تمكنت الحملة من فرض نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب بعد أن فرضت نفسها في الشارع من خلال المنشورات التي وزعها الناشطون، حيث تناقل الناشطون في اليوم التالي صور الحملة ولافتاتها المرفوعة في التظاهرات  وفيديوهاتها المنتشرة على يوتيوب، عدا عن تخصيص بعض المحطات تقارير أخبارية لها، مثل العربية والجزيرة وسكاي نيوز.

نجاح الحملة هذا أنعش التيار السلمي في الانتفاضة السورية، و أكد أهمية السلمية بمواجهة انحرافات العسكرة من جهة والنظام من جهة أخرى، حيث رأى الناشط س ن: " يبدو أن السلمية أصبحت أكثر جذرية وأهمية، لأنها تأتي لتتكامل مع العسكرة في الضغط على النظام من جهة، ولتصحح انحرافات السلاح من جهة أخرى. والأهم من ذلك أن الثورة باتت تفرز آليات تصحيح نفسها بنفسها، فحملة " نحن بديل أخلاقي" هي ثورة مبكرة ضد الثورة المضادة التي ظهرت في الثورة السورية حتى قبل أن تنتصر، وهنا المفارقة التي تعيشها سوريا الآن".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد